الجمعة، 24 يناير 2014

قول في العقد

قول في العقد
ـــــــــــــــــــــــ

مما لاشك فيه ان حرام الله حرام وحلاله حلال الى يوم القيامة مالم يحلل ذلك الحرام او يحرم ذلك الحلال بمنع اجراء قانوني وضعي او اجراء شرعي انزله الشارع المقدس فيما لو كان المنع او الحرمة مؤقتة , كما مما لاشك فيه ايضا ان الحرام والحلال في وقت ما هوذات الحرام والحلال في وقت اخر حيث لا يتغير بتغير الازمان , ذلك ان ماينطبق على ذلك هو بقاء ماكان على ماكان ولايصبح الحلال حراما او الحرام حلالا الا بذلك الاجراء , فالمراة الاجنبية قد تكون محرمة على الرجل حرمة مؤقته مالم يجر عقده الشرعي عليها والزوجة محللة على زوجها مالم يجر عقد طلاقها على وجهه الشرعي والسلعة المعروضة للبيع لازالت لم تدخل حيازة وملك الغير مالم ينعقد بيعها فهي محرمة شرعا وقانونا وممنوعة على الاغيار والعكس صحيح فيما لوعقد المالك بيعها وخرجت من ملكه فانها تصبح محرمة عليه لانتقالها الى ملك ذلك الغير !!! ومما لاشك فيه ايضا ان كافة الامور التعاملية والتعاقدية تقوم على الوجه الشرعي والنية في اتمامها وقد ورد في الحديث النبوي الشريف (انما الاعمال بالنيات) وحيث ان غالب الاعمال والنشاطات التي يقوم بها الناس تنضوي تحت عنوان العقود التي تقوم على مبدآ الاتفاق بين الطرفين هذا الاتفاق الذي يقوم على اركان ثلاثة : (الرضا وحرية الاختيار والارادة ) لذا فان التحلل من هذه الاتفاقات هي ايضا من العقود التي تقوم على ماتقدم .
     والزواج عقد بين الطرفين , وحل هذه الرابطة بالطلاق هو عقد ايضا , واذا قيل ان الزواج مبني على اتفاق طرفين هما الرجل والمراءة وموافقتهما واحداث اثر شرعي وقانوني في ذلك على وجه يثبت اثره في المعقود عليه , في حين ان الطلاق هو قرار من طرف واحد هو الزوج قد لا ترضاه الزوجة فهو يبقى ايضا عقد من العقود لكنها تنشا بارادة طرف واحد ولاتشترط ارادة الطرفين فيه مع ما يوجب من حفظ حقوق الطرف الاخر , هكذا هو عقد الطلاق , والمهم في تلك العقود موافقتها للشرع والقانون أي رقابة السماء عليه من جهة والقانون من جهة اخرى فـ(المسلمون عند شروطهم الا شرط احل حراما او حرم حلالا ) .
     ومما يجدر ذكره نود ان نوضح ان القانون المدني يختص بتنظيم العلاقات بين الافراد وهو ينقسم الى قسمين رئيسيين :
1.    قسم الاحوال الشخصية : التي تنظم علاقة الفرد باسرته (كالزواج والطلاق و والنفقة والوصايا والمواريث)
2.  قسم المعاملات المالية : التي تنظم علاقة الفرد بغيره من الافراد من حيث المال الذي اذا نقل من لغة الاقتصاد الى لغة القانون سمي حقا ماليا أي له قيمة مالية او له قيمة معنوية حين يكون – حينئذ - مصلحة يحميها القانون باعتباره عينيا او شخصيا او ادبيا باعتباره سلطة مباشرة يمنحها القانون لشخص على شئ معين بالذات .  
     ان الاصل في تفسير عبارات العقد ان يؤخذ التفسير بالمعنى الحقيقي ونية الطرفين فيما انصرفت اليها , ولا يجوز الانحراف عنه الى غيره من المعاني الا اذا تايد من ظروف الدعوى مايدل على ان المتعاقدين اساءا استعمال هذا التعبير وقصدا معنى اخر فحينئذ يجب البحث عن تلك النية المشتركة للمتعاقدين , كما ويجوز تفسير العقد بالدلالات العرفية لالفاظه .
     وقد يختلط عند البعض مفهوما العقد والاتفاق ببعضهما حيث يعتبر هذا البعض الاتفاق عقدا وهذا بعيد عن الصحة ذلك لان الاتفاق هو اعم من العقد اذ ان الاتفاق جنس والعقد نوع من انواعه , ويعرف الاستاذ الدكتور عبدالمجيد الحكيم الاتفاق : (( اتفاق ارادتين على انشاء التزام او نقله او تعديله او انهائه)) كالاتفاق على انشاء عقد البيع الذي ينشئ التزاما على عاتق كل من البائع والمشتري , اما العقد فهو : (( اتفاق على انشاء التزام او نقله فقط)) , والمهم في ذلك ان العقد هو (اتجاه الارادتين الى احداث اثر قانوني) والا فلا نكون امام عقد مالم يحدث ذلك الاثر .
     واذ قلنا ان العقد اتفاق كما مر ذكره , فلابد ان يكون هذا الاتفاق في نطاق القانون الخاص , وان يكون في نطاق المعاملات المالية   .
     ولما كان العقد هو اتفاق ارادتين على انشاء التزام او نقله لذا فقد كان احد مصادر ذلك الالتزام (العقد , الارادة المنفردة والتي تسمى شبه العقد , والعمل غير المشروع اي مايسمى بالمسؤؤلية التقصيرية او الجريمة , والكسب دون سبب أي مايسمى شبه الجريمة ,  ثم القانون كمصدر خامس من مصادر العقد وكلها تعرف بانها الاعمال او الوقائع القانونية التي انشأت الالتزام , حيث تؤدي تلك الاعمال في المآل الى ارتباط الطرفين ببعضهما باداء التزامات متقابلة كل التزام كان سبب للاخر  .  


                                                                                القاضي
                                                                               رياض محسن الامين

                                                                                كانون الثاني / 2014

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق