الأربعاء، 29 يناير 2014

تكرار التعويض عن الضرر الناشئ عن التعسف في الطلاق


لا شك ان التعويض في الطلاق التعسفي واحب بحكم القانون للزوجة على زوجها وكما هو معلوم ان التعويض المقرر يجب ان يقترن بضرر اصاب الزوجة شروط التعويض عند ايقاع الطلاق 

اشار قانون الاحوال الشخصية العراقي المعدل المرقم ١٩٥٩/١٨٨ النافذ في المادة المرقمة ٣٩/٣ منه الى ( اذا طلق الزوج زوجته وتبين للمحكمة ان الزوج متعسف في طلاقها وان الزوجة اصابها ضرر من جراء ذلك ، تحكم المحكمة بطلب منها على مطلقها بتعويض يتناسب وحالته المالية ودرجة تعسفه ، يقدر جملة على ان لا يتجاوز نفقتها لمدة سنتين علاوة على حقوقها الثابتة الاخرى ) . 

ولدى تحليلنا لنص المادة الى عناصرها التي تقتضي تطبيقها نجد : 
١- ان يطلق الزوج زوجته 
٢- ان تصاب الزوجة بالضرر 
٣- ان يكون الضرر من جراء ذلك (الطلاق) حصرا 
٤- ان تتقدم الزوجة المطلقة بطلب التعويض 
٥- ان يكون التعويض متناسبا مع حالة الزوج المالية 
٦- ان يكون التعويض متناسبا مع درجة التعسف 
٧- ان لا يتجاوز التعويض نفقة الزوجة لمدة سنتين 
ولا نعتقد ان هذا التحليل يخفى على اي قارئ لنص المادة المذكورة فهي الشروط التي يجب توافرها جميعا لامكان تطبيقها وتخلف اي منها يشكل مانعا من تطبيق المادة  كما ولايمكن تقديم احداها على الاخرى فالتسلسل المنطقي مطلوب ايضا من تلك العناصر كي يكون قاعدة للذي يليه لذا فعلى المحكمة ان تبحث في توفر تلك العناصر وتسلسلها واحدة تلو الاخرى حتى تكون امام واقعة عالجها القانون اذ ان طلاق الزوج لزوجته اجراء شرعي وحق منحه له الشارع المقدس دون منحة من احد وفي المقابل  يجب ان لا يفرز آثارا سلبية تتضرر منه الزوجة والا يصبح الزوج فعلا متعسفا باستعماله حقه هذا كي يستوجب فرض التعويض عليه وما على المحكمة حينئذ الا ان تتحقق من صحة الادعاء بتعسف الزوج  اذ لايمكن لها ان تفرض على الزوج تلك الضريبة ولما تتحقق بعد من الشروط المتقدمة والا فاننا نقتل القانون بايدينا 
ومن الجدير بالذكر ايضا ان الزوجه تستحق التعويض وفق الشروط اعلاه مهما تعددت الطلاقات الواقعة عليها اذ لكل طلاق واقع بشروطه الصحيحة تعويض عن الضرر الناجم عنه فيما لو تحققت شروط التعويض الانفة الذكر ايضا ولا يسوغ للزوج ان يدفع انه كان قد ادى لمطلقته تعويضا في الطلاق السابق فلكل فعل اضر بالغير تعويض يجبره لذا فان المبدا : 
(استحقاق المدعية تعويضا عن الطلاق التعسفي الاول لا يحرمها طلب التعويض عن طلاقها التعسفي الثاني.) مبدأ ينسجم واحكام العقل والواقع الطبيعي لذا فقد نص قرار محكمة التمييز على  :
لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي واقع ضمن المدة القانونية المصادفه يوم 31/5/2008 عطلة رسمية . لذا قرر قبوله شكلا ً ولدى عطف النظر على الطعن التمييزي وجد انه انصب على الفقرة المتعلقة بالحكم للمدعية بالتعويض عن الطلاق التعسفي الذي اوقعه المدعى عليه عليها بغيابها بتاريخ 6/1/2008 وجد انها صحيح وموافقه للشرع والقانون ذلك لان محكمة الموضوع استعانت بخبير مختص لتقديره ولموافقة وكيل المدعية على تقديره وان دفع وكيل المدعى عليه بعدم استحقاقها للتعويض بحجة تعويضها عن الطلاق التعسفي الاول الذي اوقعه عليها بتاريخ 30/5/2006 لا سند له من القانون لان تعويضها عن طلاقها التعسفي الاول لا يحرمها عن التعويض عن طلاقها التعسفي الثاني وان تقدير الخبير له جاء معتدلا ً ومناسبا ً ويصلح اعتماده سببا ًَ للحكم عملا ً باحكام المادة 140/اولا ً من قانون الاثبات . لذا قرر تصديق الحكم المميز ورد الطعون التمييزية وتحميل المميز رسم التمييز . وصدر القرار بالاتفاق في 1/رمضان/1429 هـ الموافق 1/9/2008 .
                                                                                                                  القاضي 
                                                                                                                  رياض الامين 

الجمعة، 24 يناير 2014

قول في العقد

قول في العقد
ـــــــــــــــــــــــ

مما لاشك فيه ان حرام الله حرام وحلاله حلال الى يوم القيامة مالم يحلل ذلك الحرام او يحرم ذلك الحلال بمنع اجراء قانوني وضعي او اجراء شرعي انزله الشارع المقدس فيما لو كان المنع او الحرمة مؤقتة , كما مما لاشك فيه ايضا ان الحرام والحلال في وقت ما هوذات الحرام والحلال في وقت اخر حيث لا يتغير بتغير الازمان , ذلك ان ماينطبق على ذلك هو بقاء ماكان على ماكان ولايصبح الحلال حراما او الحرام حلالا الا بذلك الاجراء , فالمراة الاجنبية قد تكون محرمة على الرجل حرمة مؤقته مالم يجر عقده الشرعي عليها والزوجة محللة على زوجها مالم يجر عقد طلاقها على وجهه الشرعي والسلعة المعروضة للبيع لازالت لم تدخل حيازة وملك الغير مالم ينعقد بيعها فهي محرمة شرعا وقانونا وممنوعة على الاغيار والعكس صحيح فيما لوعقد المالك بيعها وخرجت من ملكه فانها تصبح محرمة عليه لانتقالها الى ملك ذلك الغير !!! ومما لاشك فيه ايضا ان كافة الامور التعاملية والتعاقدية تقوم على الوجه الشرعي والنية في اتمامها وقد ورد في الحديث النبوي الشريف (انما الاعمال بالنيات) وحيث ان غالب الاعمال والنشاطات التي يقوم بها الناس تنضوي تحت عنوان العقود التي تقوم على مبدآ الاتفاق بين الطرفين هذا الاتفاق الذي يقوم على اركان ثلاثة : (الرضا وحرية الاختيار والارادة ) لذا فان التحلل من هذه الاتفاقات هي ايضا من العقود التي تقوم على ماتقدم .
     والزواج عقد بين الطرفين , وحل هذه الرابطة بالطلاق هو عقد ايضا , واذا قيل ان الزواج مبني على اتفاق طرفين هما الرجل والمراءة وموافقتهما واحداث اثر شرعي وقانوني في ذلك على وجه يثبت اثره في المعقود عليه , في حين ان الطلاق هو قرار من طرف واحد هو الزوج قد لا ترضاه الزوجة فهو يبقى ايضا عقد من العقود لكنها تنشا بارادة طرف واحد ولاتشترط ارادة الطرفين فيه مع ما يوجب من حفظ حقوق الطرف الاخر , هكذا هو عقد الطلاق , والمهم في تلك العقود موافقتها للشرع والقانون أي رقابة السماء عليه من جهة والقانون من جهة اخرى فـ(المسلمون عند شروطهم الا شرط احل حراما او حرم حلالا ) .
     ومما يجدر ذكره نود ان نوضح ان القانون المدني يختص بتنظيم العلاقات بين الافراد وهو ينقسم الى قسمين رئيسيين :
1.    قسم الاحوال الشخصية : التي تنظم علاقة الفرد باسرته (كالزواج والطلاق و والنفقة والوصايا والمواريث)
2.  قسم المعاملات المالية : التي تنظم علاقة الفرد بغيره من الافراد من حيث المال الذي اذا نقل من لغة الاقتصاد الى لغة القانون سمي حقا ماليا أي له قيمة مالية او له قيمة معنوية حين يكون – حينئذ - مصلحة يحميها القانون باعتباره عينيا او شخصيا او ادبيا باعتباره سلطة مباشرة يمنحها القانون لشخص على شئ معين بالذات .  
     ان الاصل في تفسير عبارات العقد ان يؤخذ التفسير بالمعنى الحقيقي ونية الطرفين فيما انصرفت اليها , ولا يجوز الانحراف عنه الى غيره من المعاني الا اذا تايد من ظروف الدعوى مايدل على ان المتعاقدين اساءا استعمال هذا التعبير وقصدا معنى اخر فحينئذ يجب البحث عن تلك النية المشتركة للمتعاقدين , كما ويجوز تفسير العقد بالدلالات العرفية لالفاظه .
     وقد يختلط عند البعض مفهوما العقد والاتفاق ببعضهما حيث يعتبر هذا البعض الاتفاق عقدا وهذا بعيد عن الصحة ذلك لان الاتفاق هو اعم من العقد اذ ان الاتفاق جنس والعقد نوع من انواعه , ويعرف الاستاذ الدكتور عبدالمجيد الحكيم الاتفاق : (( اتفاق ارادتين على انشاء التزام او نقله او تعديله او انهائه)) كالاتفاق على انشاء عقد البيع الذي ينشئ التزاما على عاتق كل من البائع والمشتري , اما العقد فهو : (( اتفاق على انشاء التزام او نقله فقط)) , والمهم في ذلك ان العقد هو (اتجاه الارادتين الى احداث اثر قانوني) والا فلا نكون امام عقد مالم يحدث ذلك الاثر .
     واذ قلنا ان العقد اتفاق كما مر ذكره , فلابد ان يكون هذا الاتفاق في نطاق القانون الخاص , وان يكون في نطاق المعاملات المالية   .
     ولما كان العقد هو اتفاق ارادتين على انشاء التزام او نقله لذا فقد كان احد مصادر ذلك الالتزام (العقد , الارادة المنفردة والتي تسمى شبه العقد , والعمل غير المشروع اي مايسمى بالمسؤؤلية التقصيرية او الجريمة , والكسب دون سبب أي مايسمى شبه الجريمة ,  ثم القانون كمصدر خامس من مصادر العقد وكلها تعرف بانها الاعمال او الوقائع القانونية التي انشأت الالتزام , حيث تؤدي تلك الاعمال في المآل الى ارتباط الطرفين ببعضهما باداء التزامات متقابلة كل التزام كان سبب للاخر  .  


                                                                                القاضي
                                                                               رياض محسن الامين

                                                                                كانون الثاني / 2014

الخميس، 23 يناير 2014

الوصيةُ
بين الواقعِ والتطبيقِ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
     (الوصية شرعا , - عقد -  يفيد تمليك عين او دين او منفعة بلا عوض تمليكا مضافا الى مابعد موت الموصي )(1) وهي :( تصرف في التركة مضاف الى مابعد الموت مقتضاه التمليك بلا عوض)(2) , وهي ايضا : ( ايصال تصرف الشخص في حياته الى مابعد الموت )(5) , وهي ايضا :( تمليك عين او منفعة بعد الوفاة )(6) , وهي مصدر (وصى يوصي توصية ) , أي (عهد يعهد عهدا) ومن هذا يتضح ان صيغتها غير منجزة , ذلك لان اثرها يتراخى الى مابعد موت الموصي , كونها مضافة الى المستقبل وقد قيل بوجوبها لاستفادة ذلك من لفظة (كتب) بمقدار ثلث مال الموصي , فقد سئل ابوعبدالله الحسين (ع) : عن الرجل يموت ما لََه من مالِه ؟ فقال: له ثلث مالُه . وسئل ايضا : ما للرجل عند موته؟ قال : ثلث ماله , وان لم يوص فليس على الورثة امضاؤه .
     وقد شرعت الوصية لتمكين الفرد من تحصيل الخير في الدنيا ونوال الدرجات العلى في اليوم الاخر على سبيل الاستحسان لحاجة الناس اليها , خصوصا وان الانسان مغرور بامله , مقصر في عمله .
     وليس لاحد تبديل الشئ الموصى به لقوله تعالى (فمن بدله بعدما سمعه فانما اثمه على الذين يبدلونه )(7) , اذ هي حق على كل مسلم حيث لاينبغي له ان يبيت الا و وصيته تحت راسه وعن نبينا الاكرم محمد(r) : (من مات على وصية حسنة مات شهيدا ), اذ ان من لم يحسن وصيته كان ذلك نقصا في عقله ومروءته , وعن امير المؤمنين علي بن ابي طالب (ع): (ان من مات بغير وصية مات ميتة جاهلية) وتجب الوصية في كل حين سيما اذا ظهرت امارات الموت بايصال ماتحت يده من اموال الناس من الودائع والامانات الى اهلها خصوصا اذا اخفيت عن الورثة مضافا لذلك ما عليه من حقوق شرعية كخمس او زكاة او رد مظالم لم تسع سنوات عمره من ايفائها  .
     من هذا يتضح وجوبها اذ ان رد الامانات والودائع - التي لم يكن يعلمها الورثة- الى اهلها واتمام تنفيذ العقود والعهود التي التزم بها المتوفى حال حياته وكذا اداء ما عليه من حقوق شرعية او رد مظالم حالت المنية دون اتمامها امر واجب شرعا لايصح تركه لذا يعهد المرء الى اخر بتنفيذ ما يوصي به لذا تسمى بالوصية العهدية , ولا خلاف على وجوبها شرعا  على خلاف الوصية التمليكية التي ينشئها الموصي تبرعا منه بامواله للغير ولا اعتبار لوجوبها عليه بل على الوصي تنفيذها اذ قبل الوصية ليس الا  .
     ولما كانت الوصية(بقسميها: العهدية والتمليكية) عقدا كمصدر من مصادر الالتزام الذي التزم به الموصي قبل الموصى اليه  حين اوصى له حيث ينتقل الالتزام الى الورثة وكذا التزام الوصي قبل المتوفى وورثته من جانب وقبل الموصى له من جانب اخر بتنفيذ هذه الوصية سواء اكانت تلك الوصية عهدية او تمليكية فيسري عليها والحالة هذه ما يسري على العقود من اركان (رضا , محل , سبب) اذ لا اشكال في احتياج الوصية الى ايجاب تنشا به ويقع بكل مايدل عليه من لفظ صريح لكنه عقد من طرف واحد تحكمه الارادة المنفردة عند انشائه .
     ولما كان الفرد يعيش بين ابناء مجتمعه يتبادل اثناء ذلك علاقاته معهم ملتزما اوملزما بين ان يكون دائنا اومدينا , ولما كانت المنية حق عليه لايعرف ساعتها اذا حان اجله ، لذا فقد اوجب الشارع المقدس عليه اعداد تلك الوصية ابراءا لذمته حين لم يسعه عمره ايفاءا لما عليه اواستردادا لامواله سيما وان العلاقات الاجتماعية بما تتضمنه من عقود والتزامات متبادلة بين الجانبين لازالت قائمة حتى وافاه الاجل وبذا لاينبغي للفرد ان يترك الامر دون ايصاء منه لما  اتمه وما لم يتمه والا فقد كان التشريع المقدس عبثا وهو مالا يقبله العقل السليم حين اوجب الوصية عند حلول المنية , وحيث لايمكن للفرد ان يعرف وقت حلول اجله لذا فقد تعين عليه ان يستعد للموت قبل الفوت , ولاشك ان ما وجب عليه الايصاء هو في  الوصية العهدية ايفاءا منه لديونه وابراءا لذمته واستعادةً لحقوقه التي ستؤؤل الى ورثته بعد وفاته اذ لايصح فيها الخيار له بالترك او عدمه اما التمليكية فحيث انها تبرع من الموصي الى الموصى اليه يتراخى تنفيذه الى مابعد وفاة الموصي ولا يشترط قبول الموصى اليه فانه – أي الموصي- غير ملزم بهذا التبرع وله الرجوع عنه مادام على قيد الحياة اذ لم يتم تنفيذه لعدم تحقق الوفاة بعد , وعلى هذا فلا يمكن لورثة الموصي الرجوع عن هذا التبرع بعد وفاة مورثهم حيث ان مورثهم الزم نفسه قبل الموصى له وان الوفاة كانت سببا وشرطا لتنفيذ الوصية مالم يزد المال الموصى به على ثلث التركة الا باذن الورثة ويمكن في مقابل ذلك قيام الموصى له برد ما اوصي اليه كلا او بعضا .
     فعهد الموصي للوصي بتنفيذ الوصية هو موافقة من الموصي لايفاء ديونه ابراءا لذمته او تكليفا له لاستحصال حقه المتراخي الى مابعد الموت , وذلك لايشترط موافقة الورثة بل موافقة  (الوصي) كون الاخير ليس طرفا في العهد بل مكلفا بتنفيذه عند قبوله هذا التنفيذ وان زاد ذلك على ثلث التركة اذ ان دين المتوفى يجب ايفاءه اولا اذ (لاتركة الا بعد سداد الديون)                     
     ان الايجاب من الموصي هو الركن الوحيد لعقد الوصية ولا يقتضي ارتباط ذلك بقبول من الموصى له(3) . الا اذا رده الاخير .
     وقد تايد ذلك في بعض القوانين الوضعية منها قانون الاحوال الشخصية العراقي 188/1959في المادة 65 منه حيث لم يعتبر الوصية الا بدليل كتابي موقع من قبل الوصي او مبصوم بختمه او طبعة ابهامه مع وجوب تصديق ذلك اذا زادت الوصية عن مقدار معين (4) أي انها تنشأ بارادة منفردة وبذلك لم يعتبر القبول ركنا في الوصية بل شرطا للزومها كي تثبت الملكية بمقتضاها كونها عقد تبرع مع توافر الشروط الكاملة للمتعاقد ووجوب وجود الموصى له حقيقة او تقديرا ومعلوما غير مجهول جهالة فاحشة حين انعقاده ولا ضير اذا توفي الاخير بعد ذلك فلورثته وهم خلف له المطالبة بتنفيذها , كما يجب ان يكون الموصى به قابلا للتمليك بعد موت الموصي باي سبب من اسباب الملك وغير مخالف للشرع او القانون كما تصح الوصية بالمنافع ايضا لان التمليك يشملها اجارة كانت او اعارة .
     مما تقدم نجد ان الوصية (عهدية , تمليكية) وقد اوجبها الشارع المقدس على خلقه لابد وان يكون الموصى به مملوكا للموصي اذ لاتصح الوصية بمال الغير حيث حصرت الوصية بالمال لقوله تعالى (كتب عليكم اذا حضر احدكم الموت إن ترك خيرا الوصية ) فالمراد بالخير (المال)(8) وما الايصاء في العبادات من صلاة و صيام او حج وزيارة الا وصية بالاموال ايضا لذا فليعلم الموصون ان ماعدا ذلك لاتجوز به الوصية لخروج الموصى به اما عن وعاء الوصية وهو (المال) او خروجه من ملك الموصي لتعلق حق الغير به , فكيف اجاز موصٍ لنفسه ان يعهد الى اهل بيته ويوصيهم بتزويج ابنته بعد وفاته لزيد دون عمرو (وما اكثر ذلك في مجتمعنا) او يوصيهم بتنفيذ تبرعه بعد وفاته بجميع ماله - الذي لم يعد يملك الا ثلثه بعد وفاته- الى (فلان) واذا لم يكن ذلك جائزا فكيف يجيز لنفسه ان يوصي بما لم يملك , تبرعا منه للغير !؟ لذا فياأخي المسلم المؤمن لنستعد قبل الفوت وحلول الموت ان نعرف ما اوجبه الشارع المقدس علينا فاحكام ديننا الحنيف لاتتعلق بالعبادات فقط  بل ان المعاملات وما تتعلق بها من احكام لها بالغ الاثر في مايسال المرء عنه يوم تقوم الساعة وما اصدق قوله (r) حين سئل : ما الدين يارسول الله ؟ فاجاب : (المعاملة) وفي خبر , اجاب (النصيحة) فوصية المؤمن جزء من معاملته في مجتمعه الذي يعيش فيه ويتعامل معه ! ولما كان كذلك فمن منا وضع ذلك موضع التطبيق كما انزله الشارع المقدس على صدر رسوله الكريم (r )وحمله لنا ائمتنا الاطهارu وهم وعاء علمه وحفظته لذا فالحديث نصيحة ولا يسعنا في ختام القول الا ان نقول (اللهم قد بلغت فاشهد) والسلام على من اتبع الهدى ...



                                                                                         القاضي
                                                                                          رياض محسن الامين

الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
1-  احكام الاحوال الشخصية في الشريعة الاسلامية وما يجري عليه العمل في المحاكم الشرعية الاسلامية اللبنانية . ص 370
2-    م 64 من قانون الاحوال الشخصية العراقي 188/1959
3-  احكام الاحوال الشخصية في الشريعة الاسلامية وما يجري عليه العمل في المحاكم الشرعية الاسلامية اللبنانية . ص 372
4-    تراجع المادة 65 من القانون المذكور
5-    نخبة الاحاديث في الوصايا والمواريث – الشيخ محمد ابراهيم الكرباسي –ج 1 , ص 109
6-    نخبة الاحاديث في الوصايا والمواريث – الشيخ محمد ابراهيم الكرباسي –ج 1 , ص 109
7-    النساء اية 10
8-    نخبة الاحاديث في الوصايا والمواريث – الشيخ محمد ابراهيم الكرباسي –ج 1 , ص 110. 

الأربعاء، 22 يناير 2014

بطلان التبليغ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بطلان التبليغ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
     نصت المادة 27 من قانون المرافعات المدنية النافذ على ((يعتبر التبليغ باطلا اذا شابه عيب او نقص جوهري يخل بصحته او يفوت الغاية منه)) ، وتعتبر هذه المادة بما تضمنته من عناصر دليلا لمعرفة مايخل بصحة التبليغ , وينبغي على القائمين بالتبليغ ان يدركوا واجبهم عند اجراء التبليغ وان لايجتهدوا خلافا لاحكام القانون حيث ان احكام التبليغات القضائية ليست من النظام العام وما عليهم الا اجراء التبليغ في حدود عدم الاخلال بصحته او تفويت الغاية المنشودة منه وان اجتهادهم يؤدي الى عرقلة المسيرة القضائية والخوض في غمار الدعوى واصل النزاع ولايخفى على المختصين من قضاة او محامين بان مفتاح الدعوى هو التبليغ الاصولي وهو الذي يعطيها عصب الحياة للانطلاق بها ونعني بالدعوى هو طلب الشخص حقه من اخر امام القضاء طلبا موافقا لاحكام قانون المرافعات ولو دققنا عناصر بطلان التبليغ في المادة السالفة الذكر لوجدنا ان اشابة التبليغ عيبا او انتيابه نقصا جوهريا يؤدي الى اعتباره باطلا لكن ما يجدر ذكره وينبغي قوله ليمكن وصف التبليغ بالبطلان ان يؤدي كل من العيب او النقص الى الاخلال بصحته او تفويت الغاية منه , عليه فلا بد لنا من معرفة عناصر صحته او الغاية منه , فالغاية المنشودة من التبليغ تستتبع صحته ابتداءا  فلا يخفى على احد من المعنيين والمختصين ان الغاية من التبليغ هو اعلام المطلوب حضوره للحضور امام القضاء في موعد معين وامام محكمة معينة ليكون في مركز قانوني معين خصما او شاهدا ويلاحظ ان طرف النزاع الاخر هو خصم في الدعوى كما ان دخول او ادخال الغير في الدعوى هو جعله شخصا ثالث (خصما) فيها  اما من يستدعى للاستيضاح فهو شخص ثالث لهذا الغرض , وطلب حضور أي ممن تقدم ذكره يقتضي تبليغه تبليغا صحيحا خاليا من العيوب او النقص الجوهري كي لاتفوت الغاية منه اذ ان لكل فعل غاية من ذلك الفعل فكيف اذا كان الفعل امرا يتعلق بنزاع يوجب القانون وضع حد لانهاء الخصومة وتابيدها؟ والتبليغ هو ذلك الفعل القانوني الذي يستدعى بواسطته من مر ذكرهم لوضع حد للنزاع واعطاء كلمة الفصل في ذلك وكذا يقصد بالتبليغ القضائي (لحوق علم الشخص المطلوب تبليغه بالاوراق القضائية وبالطريقة التي رسمها القانون)(1) ويختلف هذا المصطلح عن مصطلح(التبليغات التحريرية) التي اخذ بها قانون المرافعات المدنية والتجارية في المواد 30-40والمادة 61 مرافعات (ملغي) والتي تعتبر كاجراء اولي في تبادل اطراف الدعوى لادعاءاتهم ودفوعهم قبل تعيين يوم المرافعة(2) , ويعني (قيام المحكمة – في الدعاوى البدائية- بتبليغ كل من المتداعيين للاخر بصور الادعاءات والدفوع وما يؤيدها من ادلة )(3)   وعلى تبليغ المدعى عليه بعريضة الدعوى تتوقف اجراءات رفع الدعوى(4) , اذن فالغاية من التبليغ هو انطلاقة المنازعة القضائية على الوجه الصحيح عن طريق اعلام الاطراف للمثول امام القضاء , واذا كان ذلك من متطلبات صحة التبليغ فما هي عيوبه التي تفوت الغاية منه وبالتالي تؤدي الى بطلانه  ؟
     لقد نظم قانون المرافعات المدنية المرقم 83 لسنة 1969 احكام التبليغ الاصولي في المواد من 13 لغاية 28 منه باعتباره مفتاح الدعوى واساسها وعلى ضوءه تبدأ المنازعة القضائية امام المحكمة المختصة وما عدا ذلك فان التبليغ يعتبر غير اصولي حيث يشوبه عيب يفوت الغاية والقصد منه كما اسلفنا اذ يعتبر الحضور الاصولي للطرف المطلوب امام المحكمة الطالبة هوالغاية من التبليغ واذا ماتخلف هذا القصد فان ذلك يتبع عدم اصولية التبليغ فبانهيار الاخير (التبليغ الاصولي) ينهار الاول (القصد منه) .
     لقد حددت المواد المذكورة اولا الاشخاص القائمين بمهمة التبليغ وكيفية ارساله وصوره ومدته ومشتملات ورقة التبليغ وحالة امتناع المطلوب تبليغه عن التبليغ وتبليغ مجهول محل الاقامة وتبليغ الوكيل عن الاصيل او من يجوز تبليغه عن المطلوب تبلغه وتبليغ الدوائر الرسمية والشركات المدنية والتجارية والمؤسسات الخاصة والاشخاص المعنوية والشركات الاجنبية التي لها فرع في العراق او وكيل فيه و تبليغ السجين او الموقوف وتبليغ من هو خارج العراق والتبيلغ على العطل الرسمية واحتساب المدد بذلك (5)
    وان مخالفة اجراءات أي مما تقدم يستوجب بطلان التبليغ لما تسببت تلك المخالفة من اشابة التبليغ بالعيب الذي يخل بصحته ويفوت الغاية منه .
ومن الجدير بالذكر انه اذا خلا التبليغ من توقيع القائم به ومن تاريخ اجرائه كان باطلا (6)
والعبرة بتاريخ التبليغ الذي ذكره القائم بالبليغ على ورقة التبليغ والمصادق عليه من قبل المعاون القضائي وليس للتاريخ الذي وضعه المطلوب تبليغه على الورقة المذكورة
     ان الاثر الذي يتركه التبليغ هو سريان المدد بحق الشخص المطلوب تبليغه ولحوق علمه بمواعيد المرافعات , وهذه من القواعد الشكلية التي يلزم مراعاتها بكل دقة , وكما ذكرنا انه اذا اصابت ورقة التبليغ اية شائبة بحيث تبدد عنصر الثقة فيها يختل التنظيم القضائي وتسوده الفوضى مما يسبب ضياع الحقوق , لذا فقد نص قانون المرافعات في المادة 27 منه على وجوب التمسك بكل القواعد التي اوجبها لاجراء التبليغات القضائية حيث نص على ان التبليغ يعتبر باطلا اذا شابه عيب او نقص يخل بصحته او يفوت لغاية منه , فاهم عيوب التبليغ اذا لم يقم القائم بالتبليغ بشرح حالة الامتناع عن التبلغ او كان هناك اختلاف في تاريخ التبليغ او عند عدم لصق ورقة التبليغ على باب محل الاقامة وشرح هذه الواقعة بشكل واضح على ورقة التبليغ او اذا شاب التحقق من مجهولية محل الاقامة او عنوان الشخص المطلوب تبليغه عيب او نقص بحيث لم تكن هناك قرينة واضحة على ذلك او لم يتم التحقق من الشخص المطلوب تبليغه كما في حالة كونه امراة محجبة او ان هناك عيب في نشر التبليغ في الجريدة الرسمية , كان يكون هناك خطا في المعلومات المنشورة , فمثل هذه الامور تؤثر على التبليغ لذا فعلى المحكمة ان تتحقق بذاتها بان التبلغ جرى وفق اصوله فعندئذ يمكن ان تقرر سريان المرافعة بحق الشخص غيابا او سريان المدد الخاصة بالاعتراض على الحكم الغيابي او الاستئناف او التمييز عند تقديمها , وبطلان التبليغ دفع يستطيع الخصم ان يدفع به مطالبا ببطلان الاجراءات المتخذة بناءا على ذلك او ان المدد لاتسري بحقه اذا كانت هناك مدد يبدأ سريانها من تاريخ وقوع التبليغ وعلى ذلك نصت المادة 73 من قانون المرافعات على مايلي : (1- الدفع ببطلان تبليغ عريضة الدعوى او الاوراق الاخرى يجب ابداؤه قبل أي دفع او طلب اخر والا سقط الحق فيه وتفصل المحكمة فيه قبل التعرض لموضوع الدعوى . 2- يجب ابداء هذا الدفع في عريضة الاعتراض او الاستئناف والا سقط الحق فيه . 3- يزول بطلان التبليغ اذا حضر المطلوب تبليغه او من يقوم مقامه في اليوم المحدد) وعلى هذا نجد ان صحة التبليغ واصوليته ليستا من النظام العام اذ يجوز مخالفة ذلك بحضور المطلوب تبليغه او من يقوم مقامه في اليوم المحدد فيزول بذلك البطلان ومن صور ذلك اجراء التبليغ في مدة تقل عن ثلاثة ايام بين تاريخ التبليغ واليوم المعين للمرافعة خلافا لاحكام المادة 22 من قانون المرافعات فحضور المطلوب تبليغه في الموعد المحدد رغم تبلغه في مدة اقل من ثلاثة ايام بين تاريخ التبليغ واليوم المعين للحضور يسقط حقه في الاعتراض بشان ذلك – وانا – لاافهم على ماذا يستند بعض من القائمين بالتبليغ او مسؤؤليهم الاداريين في الامتناع عن اجراء التبليغ او تصديق شرح القائم بالتبليغ اذا تم تبليغ المطلوب تبليغه في مكان غير العنوان المثبت على ورقة التبليغ في حين انه لم يخطئ في شخص المطلوب تبليغه او اذا جرى التبليغ في مدة اقل من 3 ايام بين تاريخ التبليغ واليوم المعين للمرافعة في حين ان الامر متروك للمطلوب تبليغه ان شاء امتنع عن الحضور وان شاء حضر وبذا يعتبر ذلك منه قبولا ضمنيا بالتبليغ المذكور ؟؟؟!!!!!  واذا ما ادركنا اهمية التبليغ باعتباره مفتاح الدعوى ونحن على علم باهمية الدعوى لمعالجة النزاع المطروح فيها فلا بد لنا والحالة هذه ان ندرك اهمية اعداد كوادر كفوءة في القيام بهذا الواجب كي لاتضيع الحقوق في اروقة المحاكم بين القائمين بالتبليغ والنزاع لم يعرض بعد امام القضاء !!!!!!!!!!           
                                                                             القاضي
                                                                     رياض محسن الامين


الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-     د. سعدون القشطيني , شرح احكام المرافعات . الجزء الاول , الطبعة الثالثة , مطبعة المعارف , بغداد , 1979 , ص 197
2-     د. سعدون القشطيني , شرح احكام المرافعات . الجزء الاول , الطبعة الثالثة , مطبعة المعارف , بغداد , 1979 , ص 17
3-     د. سعدون القشطيني , شرح احكام المرافعات . الجزء الاول , الطبعة الثالثة , مطبعة المعارف , بغداد , 1979 , ص 197
4-     د. سعدون القشطيني , شرح احكام المرافعات . الجزء الاول , الطبعة الثالثة , مطبعة المعارف , بغداد , 1979, ص197
5-   د. محمد جابر الدوري , الصيغ القانونية بمقتضى احكام قانون المرافعات المدنية , دراسة ميدانية , مطبعة الشعب , بغداد , ص 53 ومابعدها
6- ابراهيم المشاهدي , المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز , قسم المرافعات المدنية رقم القرار 2436/ شخصية- شرعية/72 في 23/5/72 

الجمعة، 17 يناير 2014

بسم الله الرحمن الرحيم

وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون
                                     (  التوبة 104)

                                           ( جسور التعاون )
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

سئل احد المحامين الفرنسيين : ماذا تعمل لموكلك المتهم ؟ قال: اترافع عنه مدافعا امام المحكمة . فقيل له : واذا حكم عليه ؟ اجاب : اتقدم باستئنافي عنه فورا لدى محكمة الاستئناف ، فقيل له : واذا تايد الحكم ؟ قال : اذهب توا لتسجيل اعتراضاتي التمييزية ، فقيل له : واذا ابرم الحكم ؟ اجاب : اتقدم بالتماس العفو الى رئيس الجمهورية ، فقيل له : واذ رفض ؟ قال : اسير نفس السيرة مع المتهم اللاحق الذي سيوكلني ! (1)
     اخوتي المحامين الاعزاء ... هذا مثال عملي يقدمه لنا احد المحامين الفرنسيين المبرزين للهمة العالية التي يجب ان يتحلى بها القضاء الواقف ولا تطأطؤها الحوادث
     ان المحاماة في جوهرها افصاح وابانة وعلى ممتهنيها ان يتزودوا بزاد فكري مستديم من العلم والمعرفة لاتساع حدود المعارف القضائية وتنوع المهام التي توكل اليه فاذا لم يحالف ذلك حجاج قوي وعرض موفق اصبح عيبا لايبين بحس ولابنطق يريد ولا يفعل(2)
     ونحن هنا لانريد القاء محاضرة في اخلاق او ارشاد او توصية فالمحامي اكبر من هذا  لكنها(ماهي الا ذكرى للبشر )(المدثر،الاية31)
 وان مايعنينا من هذه الذكرى هو علاقة المحامي بالمحكمة ، فلاباس اذن من تقديم في الموضوع لاخوتي المحامين فانهم بلا شك القضاء الواقف المنادي بكلمة الحق وسلّ سيفه بوجه الظلم .
     ان من ضوامن النجاح في هذه المهنة : اولا ، الثقة بالنفس ، فينبغي على من يريد ان يضع العالم ثقته فيه ان لايبخس نفسه حقها ، حيث ان المحاماة فن رفيع والمحامي فنان اصيل ، ومن يعمل لفنه يجب ان لايتخوف الاوهام والاضاليل .
     ان المحاماة مهنة اجتماعية وكما قال المحامي(سيسرون) : (المحاماة نجدة ودفاع وليست سلعة تعرض في الاسواق لتباع ) كما انها تضحية للاخرين ولاشك ان ميدان التضحية لايكون معبدا على الدوام مالم تكن لأرادة الفارس المقدام اسهام في ذلك اذ ان اساس واجبات المحامي هو العمل على حسن سير الخدمة العامة وفي سبيل خدمة العدالة والمحاماة هي الاداة الحرة التي تساهم في تحقيق هذه الخدمة لذا فان الثقة بالنفس تصيّر المرء الى محمود النتائج .
     ثانيا :  وجوب الدرس والمتابعة ، فالقراءة تملأ الانسان والكتابة تعلمه الدقة والكلام يجعله مستعدا دائما ، اذ ان من مستلزمات المحامي الدراسة والتتبع والمثابرة على التحصيل من أي رافد من روافد المعرفة .
     ثالثا : السلوك والسيرة في العمل ، ومن ذلك فن الخصومة لان الخصومة الفنية هي خصومة شريفة تعتمد على سلوك وقواعد مهنية وادبية لايصح التفريط بها يستظهر كل طرف فيها على مقابله باسباب راقية ووسائل شريفة نبيلة بتبادلها الادلة والبراهين من غير فحش ولاسماجة وبطرق معلنة ظاهرة لامستترة وضيعة (3)
     رابعا : علاقة المحامي بموكله ، التي لابد وانك- اخي المحامي-  اول من يرجو ان يسود هذه العلاقة صلة قائمة على الاحترام والثقة المتبادلة وعليه ان يجمع في عمله نبله في خلقه وصدقه وامانته وليتبادل مع مجتمعه المنافع والخير العام والا يفرط المحامي بالاسترسال مع صاحب الدعوى ولا يتبسط معه في علاقة خاصة تبعده عن المهنة ناهيك عن وجوب اظهار عطفه وتسامحه وبره بالضعفاء من الموكلين ، و وجوب استقلال المحامي وعدم السماح للموكلين التدخل بشؤؤنه او المداولة معهم بتقليب وجهات الراي فالمحامي ذو فن واختصاص وبجب عليه الا يسمح لطفيلي القضايا من غير الموكلين التدخل بقضاياه .
     خامسا : وهو محور مقالنا هذا : (علاقة المحامي بالمحكمة ! )
اتعلم اخي المحامي انك رسول موكلك الى المحكمة ؟ فماذا عساك ان تكون ؟ اليس على من يكون سفيرا ان يحسن السفارة وعليه ان يولي المحكمة كل احترام واهتمام وتقدير ؟ لاشك ان الحرية مصدر السعادة للانسان ، فهل تعلم اخي المحامي ان العدل دوام هذه السعادة ( فالقاضي يحقق لنا معنى كبيرا هو احقاق الحق وفرض قوة القانون فبتبجيله هو تكريم لهذه المزايا مجتمعة .... )(4) فعلى المحامي واجبات وضعت منها قواعد الاخلاق باعتباره انسانا اولا  واخرى فرضتها واجبات مهنته باعتباره محاميا ثانيا فعليه ان يسلك تجاه القضاء مسلكا يتفق وكرامة القاضي (لمجرد القاضي) مبتعدا عما يجول بخاطره من مقاصد شخصية ضد ذلك القاضي وان يبتعد عن كل ما يخل بذلك او بسير العدالة او يؤخر حسم الدعوى ،( ان الاستقلال القائم على الاحترام الذاتي المتبادل في ممارسة الواجب المهني لكل من القاضي والمحامي ودورهما في تحقيق العدالة للمتداعين هو الاساس الوحيد اللائق للتعاون بين القضاء والمحاماة )(5) ، عليه فان هناك دوافع حقيقية اساسها العدل ومبدأ حسن النية يجب على المحامي ان يتحاشى احراج القاضي بكل مايؤدي الى اساءة فهمها من قبل الخصوم خشية ان تفسر ضد مبدأ حياد القضاء ان اساس ذلك مصدره التزام المحامي بقسمه الذي يؤديه بكل امانة وشرف وان يحترم القانون ويحافظ على سر المهنة ويرعى تقاليدها وآدابها ، وان يظهر بمظهر يليق بكرامة المهنة ومكانتها (6) وان يتقيد بالحضور بالمواعيد المحددة للجلسات والمرافعات وان يسهل مهمة القاضي ويراعي وقته بالدخول مباشرة في موضوع الدعوى وان يتحاشى تقديم الطلبات او اتخاذ الاجراءات بهدف تأخير الفصل في الدعوى وان يراعي ظروف زميله المحامي كلما امكن ذلك (7) ، وليس اكره على القاضي من المحامي المهذار الذي يبعثر الادلة التي يستند اليها في ادعائه او دفعه ولا تعرف نهاية لاقواله حيث تجب معاملة هذا المحامي بكثير من الصبر والحذر (8) وما على المحكمة الا تسلّم امرها الى الله وتتعامل معه بهدوء الدم والاعصاب او قد يريد لزوم مالايلزم باثبات قواعد قانونية تحكم النزاع هي في الواقع لاحاجة لاثباتها من جانب المدعي لان القاضي يعرفها فيأخذ في ذلك من وقته ووقت المحكمة وقد جرى القول في المبدأ العام في القانون الفرنسي : ايها المحامي انتقل الى الوقائع فالمحكمة تعرف القانون !!! (9)  و(ان من سجايا المحامي ان يكون صالحا وحرا وخاليا من كل غرض وان يتسلك بالرفق والاعتدال وان يكون ناصحا وصادقا مع رفقائه ويجب ان تكون مآربه في مصلحته عبارة عن مساعدة المحاكم باعمال العدل وان يحترم الحكومة وجميع المحاكم ومن الواجب ان يتحرك المحامي بكمال الاحترام لدى جميع المحاكم والحكام الذين يحضر امامهم وان لايغش المحكمة عن علم واختبار بحيث تعطي قرارا يعرفه انه غلط وان لايستعمل اهانات واستهزاءات شخصية على احد الخصوم او وكلاءهم وان يتحذر عن القذف على شرفهم وناموسهم الا اذا كان ذلك من مقتضيات الدعوى ...) (10)  ذلك ان ماتفرضه مهنة المحاماة من قواعد واصول عبر تاريخها الطويل ومن تقاليد وآداب تحدد البعد الذي يترتب على المحامي ويمتزج في التزاماته عند القيام بتنفيذ ما اوكل اليه رغم ان التزامه هو في واقع الحال التزاما ببذل عناية وليس التزاما بتحقيق غاية لانه لايملك سلطة اصدار القرار الذي يملكه القاضي لوحده وانما دوره يتحدد بكشف وايضاح جوانب القضية المعروضة على القضاء تحقيقا للعدالة ومراعاة للمصلحة العامة ..
     (ان دور المحامي في اظهار العدالة وابرازها يجد له مكانا في ضمير المحامي وفكره الناضج شأنه في ذلك شأن حالة في شخصية القاضي وضابط الشرطة وحيث ان المحامي افصح لسانا – او ينبغي ان يكون كذلك – من الموكل واقدر منه بيانا للحجة في سبيل الوصول الى الحق مما يتوجب عليه بسبب مسؤؤليته عن هذا الدور وثقافته القانونية وخبرته التي اكتسبها والثقة التي وضعت فيه ان يتجنب مواطن الزلل في السلوك ...)(11) ، ان المركز القانوني للمحامي ومدى الواجب الملقى عليه لايسمح باغتفار أي تقصير يصدر عنه لان عدم مراعاة الواجبات التي تقتضيها المهنة بالدفاع وصولا للعدالة المنشودة يعد اغفالا كبيرا في تحقيق العدالة ... وقد جاء ت تلك التوصيات من بين قواعد السلوك المهني التي اصدرتها نقابة المحامين في العراق والتي نصت ايضا على : (كل مخالفة لهذه التعليمات تستوجب محاسبة المحامي وفق احكام قانون المحاماة النافذ وتعديلاته )(12) .
     لذا فيااخي المحامي فانت راية الحق الخفاقة التي تلوح في سوح المحاكم وانت عنوان مسيرة المظلوم والآخذ بطريقه نحو شاطئ العدل واخيرا وليس آخرا لاأقول الا كما قال عز من قال : ( وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون ) (صدق الله العلي العظيم)
    
                                                                      القاضي
                                                                      رياض محسن الامين


الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــ

1-  المحامي عبد العزيز السهيل ، في مسلك المحاماة  ، محاضرات القيت على طلبة كلية القانون والسياسة في جامعة بغداد في 2/3/1974 ، طبع مطبعة الجامعة ، بغداد ص5
2-  المحامي عبد العزيز السهيل ، في مسلك المحاماة  ، محاضرات القيت على طلبة كلية القانون والسياسة في جامعة بغداد في 2/3/1974 ، طبع مطبعة الجامعة ، بغداد ص6
3-  المحامي عبد العزيز السهيل ، في مسلك المحاماة  ، محاضرات القيت على طلبة كلية القانون والسياسة في جامعة بغداد في 2/3/1974 ، طبع مطبعة الجامعة ، بغداد ص8
4-  المحامي عبد العزيز السهيل ، في مسلك المحاماة  ، محاضرات القيت على طلبة كلية القانون والسياسة في جامعة بغداد في 2/3/1974 ، طبع مطبعة الجامعة ، بغداد ص9
5-    قواعد السلوك المهني ، نقابة المحامين ، جمهورية العراق ، بغداد /1987 ص8
6-    قواعد السلوك المهني ، نقابة المحامين ، جمهورية العراق ، بغداد /1987 ص 5
7-    قواعد السلوك المهني ، نقابة المحامين ، جمهورية العراق ، بغداد /1987 ص13
8-    الصيغة المثلى لمراجعة المحامين لمؤسسات العدالة الجنائية ، مديرية الشرطة العامة و نقابة المحامين
9- د.آدم وهيب النداوي ، شرح قانون الاثبات ، جامعة بغداد ،  كلية القانون والسياسة ، 
      محاضرات مسحوبة على الرونيو ، 1982- 1983 ص23
10-قانون المحامين لسنة 1981 (7) منه
11- فن القضاء ، المحامي الدكتور صالح محسوب ، بحث للقاضي وللمحامي في دراسة 
      الدعوى وكيفية الحكم فيها ، مطبعة العاني ، بغداد ، الطبعة الاولى ، ص 12
     12- قواعد السلوك المهني ، نقابة المحامين ، جمهورية العراق ، بغداد /1987 ص 24 
       ،   البند (تسعة عشر)

 




الأربعاء، 15 يناير 2014

ضمانات المتهم _______________

ضمانات المتهم 
١- غلق الدعوى بصورة دائمة او مؤقته في مرحلة التحقيق يعتبر من ضمانات المتهم 
٢- تسبيب قرار قاضي التحقيق ضمانة للمتهم 
٣- اطلاع عضو الادعاء العام على قرار قاضي التحقيق في تدقيقه يعد من ضمانات المتهم 
٤- تمكين المتهم من الدفاع عن نفسه يعد من ضمانات المتهم 
٥- احالة المتهم لاتعني التاكيد على ادانته بل ان الادلة هي الكفيلة بذلك وهذا يعتبر من ضمانات المتهم 

الاثنين، 13 يناير 2014

شروط التعويض عند التعسف في الطلاق

شروط التعويض عند ايقاع الطلاق 
اشار قانون الاحوال الشخصية العراقي المعدل المرقم ١٩٥٩/١٨٨ النافذ في المادة المرقمة ٣٩/٣ منه الى ( اذا طلق الزوج زوجته وتبين للمحكمة ان الزوج متعسف في طلاقها وان الزوجة اصابها ضرر من جراء ذلك ، تحكم المحكمة بطلب منها على مطلقها بتعويض يتناسب وحالته المالية ودرجة تعسفه ، يقدر جملة على ان لا يتجاوز نفقتها لمدة سنتين علاوة على حقوقها الثابتة الاخرى ) . 
ولدى تحليلنا لنص المادة الى عناصرها التي تقتضي تطبيقها نجد : 
١- ان يطلق الزوج زوجته 
٢- ان تصاب الزوجة بالضرر 
٣- ان يكون الضرر من جراء ذلك (الطلاق) حصرا 
٤- ان تتقدم الزوجة المطلقة بطلب التعويض 
٥- ان يكون التعويض متناسبا مع حالة الزوج المالية 
٦- ان يكون التعويض متناسبا مع درجة التعسف 
٧- ان لا يتجاوز التعويض نفقة الزوجة لمدة سنتين 
ولا نعتقد ان هذا التحليل يخفى على اي قارئ لنص المادة المذكورة فهي الشروط التي يجب توافرها جميعا لامكان تطبيقها وتخلف اي منها يشكل مانعا من تطبيق المادة  كما ولايمكن تقديم احداها على الاخرى فالتسلسل المنطقي مطلوب ايضا من تلك العناصر كي يكون قاعدة للذي يليه لذا فعلى المحكمة ان تبحث في توفر تلك العناصر وتسلسلها واحدة تلو الاخرى حتى تكون امام واقعة عالجها القانون اذ ان طلاق الزوج لزوجته اجراء شرعي وحق منحه له الشارع المقدس دون منحة من احد وفي المقابل  يجب ان لا يفرز آثارا سلبية تتضرر منه الزوجة والا يصبح الزوج فعلا متعسفا باستعماله حقه هذا كي يستوجب فرض التعويض عليه وما على المحكمة حينئذ الا ان تتحقق من صحة الادعاء بتعسف الزوج  اذ لايمكن لها ان تفرض على الزوج تلك الضريبة ولما تتحقق بعد من الشروط المتقدمة والا فاننا نقتل القانون بايدينا 

السبت، 11 يناير 2014

مفهوم الاستئناف ومدة تقديمه وشروطه



نبذة تاريخية عن مفهوم الاستئناف 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
                                                                                                                                    

     ظهرت فكرة الاستئناف نتيجة لعوامل تاريخية, فقد كان أداة بيد السلطة السياســــية وبقي كذلك لمدة طويلـــــة إذ كان لايخلو هذا النظام من الانحلال الذي صاحبه وكان يعتبر وسيلة ضد الحكم حتى بلغ الامر الى حد انه كان يعتـــــبر وسيلة لمــــهاجمة القاضي الذي اصدر الحكم حتى كان على هذا القاضي ان يدافع بنفسه عن الحكم الذي اصـدره , ولايخفى ان القواعد التي تضمنتها هذه النصوص تحتاج الى تعديل وتغيير كي تتــفق وروح العصر لذا كان لابد لهذه القواعد ان لاتكون ثابتة لانها تحــكم علاقات اجتماعية تختلــــف من مكان الى اخر وفي ذات المكان من زمان لاخر.
      ومــــن ثم اعتبر ضمانة قضائية ضد الاخطاء التي قد تقـع فيها محــــــــــــكمة اول درجة حتى بدى مؤخرا نظاماً قانونياً يقـــــوم بوظيـــــفة مزدوجــة الا وهي اصلاح حكم محكمة اول درجة وطريق لحـــــسم النزاع . ولم يعرف الاستئناف كنظام للطعن في الاحــكام الصادرة من محاكـــــم الدرجة الاولى مــن قبل القانون الروماني إذ بدأ ظهوره في ظل هذا القانون ثم اخذ بـــنظام الاستـــــــــئناف القانون الفرنسي القديم حيث نظمته قوانين ما بــــــــــعد الثورة الفرنسـية   .

     وحيث أن القانون هو وليد حاجة المجتــــــــــــمع وينتج من طبيعة الأشياء كذلك من البديهي فان الأنظمة القانونية هي استــــــــجابة للاحتياجات التي تتولد في المجتمع خلال فترة معينة فــتشريع أي قانون أو تقرير نظام قانوني معين ليس إلا تـجسيدا لما اقره واقع المجتمع من قبل , والاستئناف كغـــــيره من الأنظمة كان استجـابة للاحتيـــــــاجات فالوضـــع الاجتماعي لمجتمع معين لايبقى دائما على حال واحدة فقد أدى التطور والتوســـع الذي طرأ عليه نتيــــجة انتصارات المجتمع الروماني على البلدان المجاورة إلى أن يضطر الملك إلى تعيــــين حكام في البلاد الجديدة كي تظل تـــــحت سلطانه كما كان يقوم في بعـــض الأحيان بتعيين بعــــض القضاة في هـــذه البلاد الجديدة لإقامة الـعدل بين الناس وهكذا بدأت الحاجة إلى تنظيم سياسي حقيـــقي  ونظام لإدارة المجتمـــــع وحتى يضمن المـــلك السيطرة عـــلى كل أرجاء البلاد فقد وجد في الأخذ بنظام المركزية ما يعينه على ذلك , و كان الــغرض من الاستئناف كمـــــــرحلة أولى باعتباره ضمانة قضائية طريقا لإصلاح العيوب التي تشوب الحكم الصادر من محكمة أول درجة طبقا للمفهوم التقليدي لمــــــــــحكمة الدرجة الثانية  أثناء نــــــــظرها للاستئناف وبنفس إطار الــــــــــــنزاع وحدوده الذي عرض أمام محكمة الدرجة الأولى وبحدود ما رفـــــع عنه الطعن  لكن الالتزام الدقيق بتحديد نطاق الدعوى في الطـــــــــــــــعن استئنافا بما قضت به محكمة أول درجة – وكما ذكرنا- بدا يـــتلاشى مع الزمن في ظل التطورات الاجتماعية والاقتصادية  التي انعكست على بعض التشريــــعات إضافة إلى وظيفة أخرى ألا وهي اعتبار أن الاستئناف طريق لحسم النزاع طبقا للمفهوم الحديث له .

القاضي رياض الامين

الأربعاء، 8 يناير 2014

قرارات قاضي الجزاء بين التنازل ورفع الشك والاشتباه 
مابين التنازل وبين رفع الشك والاشتباه مسافة بل مسافات في الاختلاف في المفهوم حتى نتيجة الحكم تختلف من واحدة لا خرى لذا فان التنازل هو النزول عن المطالبة بالحق بشرط وجود ذلك الحق اما رفع الشك والاشتباه فانه رفع الاتهام عن متهم معين مع ابقاء المطالبة بالحق ولو لغيره ، هذا الامر اوقع الكثيرين في هذا الاشكال اللغوي والقانوني من حيث المعنى والنتيجة في الحكم فلو نقف عند تحليل كل تعريف وجدنا : 
١- التنازل يقتضي وجود الحق اولا فكثير مايقع القاضي في اشكال لغوي او قانوني حين يقبل التنازل من مشتك او مدع والحق غير ثابت الوجود بعد او ثابت الوجود لكنه غير ثابت الاتهام في مواجهة شخص بذاته لذا فان التسلسل المنطقي لهذا الاجراء ان يكون الحق ثابت الوجود  وبالتالي ثابت الاتهام والا فلا تنازل والحق غير ثابت !!! عن ماذا يتنازل المشتكي وهو لم يثبت حقه بعد ؟ لذا فالمقتضى اولا وجود الحق . 
٢- رفع الشك والاشتباه يقتضي ايضا وجود الحق اولا ثم اتهام شخص بعينه بشرط عدم وجود الدليل ضد ذلك المتهم ثانيا  لذا فهو يقتضي ان يفتقر للدليل لذا ومن مفهوم المخالفة  فلاجواز لرفع الشك والاشتباه اذا توفر الدليل انما يجوز والحالة هذه اللجوء الى التنازل كون الحق ثابتا فالحق اذا ثبت يجوز التنازل عن من توفر الدليل ضده واذا لم يثبت فيلجأ والحالة هذه الى رفع الشك والاشتباه
مايصدره قاضي التحقيق من قرار الا وهو رفض الشكوى وغلق الدعوى نهائيا استناد لا حكام المادة ١٣٠/أ  الاصولية وفي هذا نجد ان الفعل الجرمي ثابت لذا وصف النزول عن الحق وسمي بالتنازل اما لو لم يتايد وجود الحق اصلا في مواجهة متهم ما فلا يمكن تسمية ذلك النزول بالتنازل  انما يسمى برفع الشك والاشتباه باعتبار ان المشتكي  كان مشتبها في توجيه الاتهام الى فلان من الناس لذا فان رفع الشك والاشتباه وكما ذكرنا هو في مواجهة شخص او اشخاص معينين لا دليل ضدهم والا يكون ضدهم اي دليل 
لا شك ان الفعل الغير معاقب عليه قانونا سيان مع الفعل الذي يستتبعه تنازل المشتكي عن شكواه في الجرائم التي يجوز الصلح فيها وسيان مع الفعل  الذ يرتكبه المتهم لو كان غير مسؤول  قانونا بسبب صغر سنه من حيث
عليه ومن نافلة القول وخلاصته نقول انه لا يجوز قبول تنازل  المشتكي عن المتهم في قضية لم يثبت فيها وقوع جريمة اصلا او لم يثبت ارتكاب المتهم للجرم المنسوب اليه ثانيا في حين ان رفع الشك والاشتباه يقتضي وجود الجريمة اولا دون ثبوت نسبتها للمتهم والا لو كانت ثابته لما جاز والحالة هذه رفع الشك والاشتباه انما يجوز التنازل مع ملاحظة ما اذا كانت الجريمة فيها حق عام عام او خاص وهذا الامر ادى الى الخلط بين الكثيرين وهو خلط بين اللغة والتسلسل المنطقي للقانون


تم النشر 
يقتصر تنفيذ حكم المطاوعة على تنبيه الزوجة فقط بقرار الحكم وتنفيذه بحقها وتعلم الزوجة بمضمون القرار حول تهيئة الزوج لها دار شرعية كما اطلعت  عليه المحكمة كما ويلاحظ انه يجب اقامة الدعوى في موطن المدعى عليها الزوجه ومما ينبغي الاشارة اليه ان من حق الزوجة ان لا تطاوع زوجها المدعي مالم يؤدي لها معجل مهرها المتفق عليه اذ لها ان تدفع بذلك امام المحكمة التي تنظر في دعوى المطاوعة وهذا ما استقر عليه القضاء العراقي

                                        القاضي رياض الامين 

الثلاثاء، 7 يناير 2014

تعليق على قرار حكم


 

                                                                                   القاضي

                                                                                    رياض محسن الامين

 


     فرق قانون العقوبات العراقي المرقم 111/1969 في نصوص مواده بين العذر القانوني وبين الظرف القضائي , وقسم الظروف القضائية الى مشددة للعقاب واخرى مخففة وثالثة معفية , كما وان هناك ظروف مادية (موضوعية) واخرى شخصية , وقد سميت الظروف التي توجب تخفيف العقوبة والاعفاء منها عند اقترانها بالجريمة بـ(الاعذار) , والاعذار قد تكون مادية , وقد تكون شخصية , كما ان الظروف وهي عناصر قانونية لابد لها انها تتصل بالجريمة وتحدد وصفها وتكفل التمييز بينها وبين جرائم تحمل نفس الاسم وتعتمد نفس الاركان , وهي على انواع منها المادية التي تتصل بالجانب المادي للجريمة  وتسمى (العينية او الموضوعية) وهي قد تكون مشددة للعقوبة كظرف الليل والطريق العام او الاكراه والمحل المسكون ومحل العبادة في جريمة السرقة , او قد تكون مخففة لها كظرف نقص قيمة المال المسروق في جريمة السرقة عن حد معين ومنها الشخصية وكل من ذلك – كما ذكرنا - اما ان يكون مشددا للعقوبه او مخففا لها  , فلو رات المحكمة في جناية ان ظروف الجريمة او المجرم تستدعي الرافة جاز لها ان تبدل العقوبة المقررة للجريمة من عقوبة الاعدام الى عقوبة السجن المؤبد او المؤقت مدة لاتقل عن خمس عشرة سنة , ومن عقوبة السجن المؤبد الى عقوبة السجن المؤقت , ومن عقوبة السجن المؤقت الى عقوبة الحبس مدة لا تقل عن ستة اشهر (م/132) من ق ع ع , ويجب على المحكمة – اذا خففت العقوبة – وفقا للمواد 130, 131, 132, 133 والحالة هذه ان تبين في اسباب حكمها العذر او الظرف الذي اقتضى هذا التخفيف , كما ويجب على المحكمة ايضا ان تشمل بتلك الظروف المشددة او المخففة كل من ساهم في ارتكاب الفعل الجرمي سواء كان فاعلا اصليا او شريكا علم بها او لم يعلم , الا اذا كانت هناك ظروف مشددة شخصية سهلت ارتكاب الجريمة فلا تسري على غير صاحبها الا اذا كان عالما , اما ماعدا ذلك من الظروف فلا يتعدى اثرها شخص من تعلقت به سواء كانت ظروفا مشددة او مخففة , كما جاء في قرار لقضية لدى محكمة جنايات ذي قار اذ إدانت المحكمة المذكورة  المتهم ( ب . ن . ش ) وفق المادة ( 421/ ج ) عقوبات واستدلالاً بالأمر ( 31/2003 ) من اوامر سلطة الائتلاف , وذلك عن جريمة خطف المجني عليه الصبي ( م ) وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة مع احتساب موقوفيته وإعطاء الحق للمشتكي ( ع . ك . م ) بمراجعة المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض ’ وقد جانبت المحكمة الصواب في ذلك لما توفر للمتهم من ظرف قضائي مخفف
إذ كان المتهم شاباً في مقتبل عمره ولا توجد له سوابق جنائية وقد تنازل ذوي المجني عليه ( المخطوف ) عن الشكوى لذا فأن ظروفه كانت تستدعي الرأفة به وتخفيف العقوبة المفروضة بحقه بمقتضى أحكام المادة ( 132/1 ) من قانون العقوبات , وفيما يلي قرار محكمة التمييز الاتحادية بشان القضية :  

121/
هيئة عامة/2007
تشكلت الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية بتاريخ 19/ شوال/1428هـ الموافق 31/10/2007 وأصدرت القرار الآتي :
المتهم / ( ب . ن . ش (

أحال السيد قاضي تحقيق الناصرية بقرار الإحالة المرقم ( 56/ ج/2005 ) في 27/4/2005 المتهم الموقوف ( ب . ن . ش ) على محكمة جنايات ذي قار لإجراء محاكمته بدعوى غير موجزة وفق أحكام المادة ( 421 ) من ق . ع . قررت محكمة جنايات ذي قار بتاريخ 7/8/2005 وبالدعوى المرقمة ( 162/ ج/2005 ) إدانة المتهم ( ب . ن . ش ) وفق المادة ( 421/ ج ) عقوبات واستدلالاً بالأمر ( 31/2003 ) وذلك عن جريمة خطف المجني عليه الصبي ( م ) وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة مع احتساب موقوفيته وإعطاء الحق للمشتكي ( ع . ك . م ) بمراجعة المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض ، طلبت رئاسة الإدعاء العام بمطالعتها المرقمة ( 364/ ج/2005 ) والمؤرخة في 1/11/2005 نقض كافة القرارات وإعادة الدعوى إلى محكمتها بغية إجراء المحاكمة مجدداً ، قررت الهيئة الجزائية في محكمة التمييز بتاريخ 4/12/2005 وبالدعوى المرقمة ( 4692/ الهيئة الجزائية/2005 ) نقض كافة القرارات الصادرة في الدعوى وإعادة الأوراق إلى محكمتها وذلك لأن الحادث وقع بتاريخ 13/2/2005 أي في ظل أمر مجلس الوزراء المرقم ( 3 ) لسنة 2004 فكان على المحكمة الاستدلال بالأمر المذكور ، وإتباعاً للقرار التمييزي المرقم ( 4693/ هـ . ج/2005 ) والصادر بتاريخ 4/12/2005 ، قررت محكمة جنايات ذي قار بتاريخ 13/6/2006 وبالدعوى المرقمة ( 164/ ج/2005 ) إعادة محاكمة المتهم ( ب . ن . ش ) وإدانته وفق المادة ( 422/ عقوبات ) بدلالة مواد الاشتراك (47/48/49 ) واستدلالاً بأمر مجلس الوزراء المرقم ( 3 ) لسنة 2004 واستدلالاً بالمادة ( 132/1 ) عقوبات كون المتهم شاب في مقتبل العمر وبغية إعطاء فرصة في إصلاح شأنه وحكمت عليه بالسجن المؤبد مع احتساب موقوفيته وإعطاء الحق للمشتكي ( ع . ك . م ) بمراجعة المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض ، قررت الهيئة الجزائية في محكمة التمييز بتاريخ 25/12/2006 وبالدعوى المرقمة ( 4680/ الهيئة الجزائية/2006 ) تصديق قرار الإدانة أما بشأن
العقوبة المفروضة بحق المدان ( ب . ن . ش ) فقد وجد أنها لا تتناسب وخطورة الجريمة المرتكبة وظروف ارتكابها في الظروف التي تمر بها البلاد عليه قرر إعادة الدعوى إلى محكمتها لإعادة النظر في العقوبة وتشديدها وإبلاغها الحد المناسب دون الاستدلال بالمادة ( 133/ عقوبات ) وإتباعاً للقرار التمييزي المرقم ( 4680/ الهيئة الجزائية/2006 ) والمؤرخ في 25/12/2006 قررت محكمة جنايات ذي قار بتاريخ 28/2/2007 وبالدعوى المرقمة ( 164/ ج/2005 ) الحكم على المدان (ب . ن . ش) بالإعدام شنقاً حتى الموت استناداً لأحكام المادة ( 422/47/48/49 ) من قانون العقوبات وبدلالة أمر مجلس الوزراء المرقم ( 3 ) لسنة 2004 مع احتساب موقوفيته وذلك لقيامه بتاريخ 13/2/2005 بخطف الطفل ( م . ع . ك ) وإعطاء الحق للمشتكي ( ع . ك . م ) بمراجعة المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض وأفهم المحكوم عليه بأن أوراق دعواه سترسل تلقائياً إلى محكمة التمييز للنظر في الحكم تمييزاً كما أن له حق الطعن في الحكم الصادر عليه لدى محكمة التمييز خلال مدة ثلاثين يوماً تبدأ من اليوم التالي لتاريخ صدور الحكم عليه وتحميل خزينة الدولة أتعاب المحامي المنتدب للدفاع عنه ، قدم وكيل المدان ( ب . ن . ش ) المحامي ( ك0 ج0 ب0) لائحة تمييزية بتاريخ 25/3/2007 يطلب فيها نقض قرار الحكم والاستدلال بالمادة ( 132 ) من قانون العقوبات ، طلبت رئاسة الإدعاء العام بمطالعتها المرقمة ( 53/ هـ . ع/2007 ) والمؤرخة في 16/5/2007 تصديق كافة القرارات .
القرار :
لدى التدقيق والمداولة من الهيئة العامة في محكمة التمييز الاتحادية تبين أن قاضي تحقيق الناصرية أصدر قراره المرقم ( 56/ ج/2005 ) والمؤرخ في 27/4/2005 بإحالة المتهم أعلاه موقوفاً على محكمة جنايات ذي قار لمحاكمته بدعوى غير موجزة وفق أحكام المادة ( 421 ) من قانون العقوبات عن جريمة الاشتراك في خطف المجني عليه القاصر ( م . ع . ك ) وقد أجرت محكمة الجنايات آنفة الذكر محاكمة المتهم المحال وفق الإجراءات المنصوص عليها في قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ( 23 ) لسنة 1971 وأصدرت قرار الحكم في 7/8/2005 وعدد ( 162/ ج/2005 ) وتضمن إدانة المتهم بموجب أحكام المادة ( 421 ) من ق . ع استدلالاً بالأمر الصادر عن سلطة الائتلاف رقم ( 31 ) القسم ( 2 ) مع الحكم عليه بعقوبة السجن مدى الحياة ونقضت القرارات الصادرة في الدعوى بالقرار التمييزي رقم (4692/ هـ . ج/2005) وتاريخ 4/12/2005 بسبب أن الحادث قد وقع في 13/2/2005 أي في ظل سريان أمر مجلس الوزراء رقم ( 3 ) لسنة 2004 وأجرت محكمة الجنايات المحاكمة مجدداً وأصدرت قرارها بتاريخ 13/6/2006 وذلك بإدانته وفق أحكام المادة ( 422 ) من ق . ع وبدلالة مواد المساهمة الجنائية ( 47 و48 و49 ) منه ، استدلالاً بأمر مجلس الوزراء رقم ( 3 ) لسنة 2004 وكذلك المادة ( 132/1 ق . ع ) بسبب أن المتهم هو شاب وفي مقتبل عمره ، وأصدرت قرار الحكم بحقه وتضمن فرض عقوبة السجن المؤبد مع احتساب موقوفيته وأعقب ذلك صدور القرار التمييزي المرقم ( 4680/ هـ . ج/2006 ) والمؤرخ في 25/12/2006 بتصديق قرار الإدانة ، أما فيما يخص قرار الحكم بعقوبة السجن المؤبد فقد قرر في حينه إعادة الإضبارة إلى محكمتها بغية تشديدها للأسباب الموضحة في القرار التمييزي المشار إليه وأصدرت محكمة الجنايات في 28/2/2007 وعدد ( 162/ ج/2005 ) قرار الحكم بفرض عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت بحق المدان مع احتساب موقوفيته وقد اتضح من خلال إضبارتي التحقيق والمحاكمة أنه بتاريخ 13/2/2005 خرج المجني عليه القاصر ( م . ع . ك ) من داره قاصداً الذهاب إلى مدرسته الابتدائية القريبة من دار سكنه ، وتم خطفه من قبل الأشخاص ( ع . ح . م . ) و( س . م ) و( ف . م . ذ ) و( م . ع ) واحتجز لديهم لمدة أسبوع ثم حصلت مساومة بين الطرفين لإطلاق سراحه مقابل فدية مالية ، ثم تم القبض عليهم وكذلك على المتهم المحال المفردة بشأنه دعوى مستقلة ، وقد أفاد المجني عليه أنه قد تعرض له ثلاثة أشخاص واقتادوه في سيارة إلى منطقة حي أور في الناصرية حيث مكث مع المختطفين لعدة أيام وفي دار المتهم المذكور ( المتهم المحال ) واعترف المتهم في دور التحقيق الابتدائي والقضائي أنه عرض عليه المتهمان ( ع . ح ) و( ف . م . ذ ) فكرة سرقة سيارة المشتكي ( ع . ك ) لأنه بذمته مبلغاً من المال لم يسدده إليه وعرض عليه فكرة خطف أحد أولاده لمساومته على دفع المبلغ وتم إيداع وحجز المخطوف في داره وفي غياب زوجته ، وبينت الزوجة ( أ . ك . ش ) أنها لا تعلم كيفية جلب المخطوف إلى دارها لكونها كانت في زيارة والدها المريض ، وأنها عادت بعد خمسة أيام إلى الدار ، وقد لاحظت محكمة التمييز الاتحادية وبهيئتها العامة ، عند عرض القضية عليها وتدقيق ومناقشة ما ورد في إضبارتي التحقيق والمحاكمة أن المتهم هو من مواليد 1973 ، ولا توجد سوابق جنائية له ، وحيث أنه شاب وفي مقتبل عمره ، كما وأن ذوي المخطوف تنازلوا عن الشكوى ، ولذا فظروف المدان تستدعي الرأفة به وتخفيف العقوبة المفروضة بحقه بمقتضى أحكام المادة ( 132/1 ) من قانون العقوبات ، وعليه قرر تخفيف عقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت المفروضة بحقه إلى عقوبة السجن المؤبد مع احتساب مدة موقوفيته وصدر القرار استناداً إلى أحكام المادة ( 259/3 ) من قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم ( 23 ) لسنة 1971 بالأكثرية بتاريخ 19/ شوال/1428هـ الموافق 31/10/2007م .