الجمعة، 11 ديسمبر 2015


لاشك ان الله قد (حلل) ولم (يأمر) بالزواج باكثر من واحدة , وقد حلل ذلك لامر او لامور ما وليس اعتباطا وقد اوضحت الشريعة الاسلامية تلك القيود والتي كشف عنها قانون الاحوال الشخصية العراقي النافذ المرقم 188/1959 في المادة (الثالثة / 4 و 5 ) منه وعاقب المخالفين بذلك باحكامه التي تلت تلك المادة ولو استعرضنا النص القانوني المعالج لذلك نجده:
((المادة الثالثة :  لا يجوز الزواج بأكثر من واحدة إلا بإذن القاضي ويشترط لإعطاء الإذن تحقق الشرطين التاليين:أ‌- أن تكون للزوج كفاية مالية لإعالة أكثر من زوجة واحدة .ب‌- أن تكون هناك مصلحة مشروعة .
المادة الخامسة : إذا خيف عدم العدل بين الزوجات فلا يجوز التعدد ويترك تقدير ذلك للقاضي))
وهي حالات يجب ان تقف عندها المحكمة لاصدار موافقتها بالزواج من ثانية او اكثر .
     ولو امعنا النظر في تلك الحالات لراينا ان جميعها حالات منطقية وعقلانية الغاية منها الحفاظ على الاسرة متمثلة بالزوجة التي اودعها الله امانة في عنق الزوج وما ستشارك به الزوج من انجاب , ذلك ان الكفاءة المالية هي المعول الرئيس في بناء اسرة جديدة اذ ليس من المعقول انك تجد زوجا ما تخنقه ظروف اقتصادية يعيشها مع الزوجة الاولى ثم ياتي بزوجة اخرى فيحمل اعباءا اخرى من النفقات التي تتطلبها الاسرة او الزوجة الثانية ! , اما ان ياتيك احدهم ويقول لك 0- وقد سمعنا ذلك كثيرا – : (ان الرزق على الله فلا ابالي مادام الله موجودا) فهذا مما اظنه انه عين المسخرة والاستهانة بالله وبحرمة من اودعت امانة لديه مالم يخطط للمستقبل ويبقى الله هو المستعان اولا واخرا .
اما من حيث المصلحة المشروعة فالزواج ليس علاقة جنسية فحسب وان كان ذلك مما يتطلبه انجاب الاولاد وبناء اسرة تعيش عزا ورفاها وكرامة انما كانت المصلحة التي تواخاها الشارع المقدس جل وعلا واشار اليها القانون هي مافات الزوج من مصلحة مشروعة من زواجه الاول حينئذ يجاز له ان يجد تلك المصلحة في زواجه الثاني ومنها عدم الانجاب او مرض الزوجة التي تصبح معه غير قادرة على اداء مهامها وواجباتها الزوجية تجاهه .
فاذا تحققت تلك الشروط لابد للقاضي وفقا لسلطته التقديرية التي تخضع لرقابة محاكم النقض في ترجيح الاسباب لابد له ان يمنح الاذن في ذلك .
ولابد من الاشارة هنا الى مسالة مهمة : هي ان يوصى الزوج – عند منحه الاذن – بالعدل بين الزوجتين ولا رقابة في ذلك على المحكمة تلقاءا مالم  تشعر احدى الزوجتين المحكمة بذلك , وعلى المحكمة ان تستوضح من الزوجة الاولى عما تقدم من حالات بما فيها امكانية العدل لانها اقرب لواقع حال الزوج من الغير وان رايها لايمكن الاعتداد والاخذ به لو كان يتضمن تعسفا في حق الزوج , وللمحكمة ان لاتمنح الاذن لو تبين لها خللا فيما تقدم , اذ يخضع ذلك لتقدير القاضي .
ومن الجدير بالذكر ان الزوج المطلق لزوجته وقد مرت العدة الشرعية وقد اكتسب القرار الدرجة القطعية لايعتبر جامعا لزوجتين فيما لو اراد الزواج من زوجة لاحقة بعد ذلك وفي ذلك تقول رئاسة محكمة استئناف بغداد / الرصافة الاتحادية في قرارها المرقم 32 في 7/5/2007 في واقعة عرضت عليها : ( لدى التدقيق والمداولة وجد ان الطعن التمييزي واقع ضمن المدة القانونية قرر قبوله شكلا ولدى عطف النظر على القرار المميز وجد انه غير صحيح ومخالف للقانون , ذلك ان المتهم (,,,,) قد ادعى في دوري التحقيق الابتدائي والقضائي انه كان قد طلق زوجته الاولى قبل ان يجري عقده على الزوجة الثانية وان المحكمة لم تتحقق من هذه الجهة المؤثرة في التكييف القانوني الصحيح لفعل المتهم , وعليه قرر نقض القرار المميز والتدخل تمييزا بقرار الاحالة ونقضه واعادة اوراق الدعوى الى محكمة تحقيق بغداد الجديدة لاتباع ماتقدم واشعار محكمة جنح بغداد الجديدة بذلك استنادا لاحكام المواد 259/أ/8 و 264 من قانون اصول المحاكمات الجزائية وبدلالة القرار 104 لسنة 1988 وصدر القرار بالاتفاق في 20/ربيع الثاني/1428 هــ الموافق 7/5/2007 ) .
ومما يجدر ذكره ايضا هو عدم اعتبار اعادة المطلقة الى زوجها مع قيام الزوجية الاخرى لايعتبر بمثابة الزواج باكثر من واحدة حيث يعفى الزوج مما تقدم من قيود ومن شرط موافقة دائرته اذا كانت القوانين التي يخضع لها الزوج توجب الحصول على تلك الموافقات قبل عقد الزواج كما نص قرار مجلس قيادة الثورة المنحل المرقم 147 الصادر بتاريخ 27/1/1982 والمنشور في جريدة الوقائع العراقية ذات العدد 2865 الصادرة في 4/1/1982 .
     وفي ذلك تصريح واضح للم شمل الزوجين ثانية تحت سقف واحد سيما اذا كانا قد انجبا ابناءا بينهما

رياض الامين 


الجمعة، 13 نوفمبر 2015

دور المحامي في الدعوى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ      
     يقوم المحامي بالدفاع عن حقوق موكله أمام القضاء ويقدم له الاستشارات القانونية ، ان على المحامي ان يعرض على القاضي وقائع الدعوى ، عرضا واضحا موجزا ، يقدم مستنداتها ووثائقها بعد دراسته للدعوى دراسة عميقة ، وان يقدم مذكراته عنها في موعدها المقرر ، وعليه ان يكون صادقا في عرضه لوقائع الدعوى بكل امانة واستقامة ، وان يحضر إمام القاضي في اليوم المعين للمرافعة ، وان لا يحاول تأجيل الدعوى لاسباب تافهة ، لان المحامي هو عون للقاضي للوصول الى الحكم العادل طبقا لاحكام القانون في الدعوى المنظورة ( فهو سفير المتقاضين فعليه أن يحسن السفارة بينهم وبين المحكمة ) .
     وعلى المحامي ان يسلك الطريق الذي يتفق مع مبادئ الشرف والاستقامة لانه يقوم بخدمة العدالة ، وان لا يحاول تضليل القضاء بتقديم وقائع ومعلومات خاطئة اذ  يتنافى هذا مع كرامة المحاماة . وعلى المحامي ان يستهدف من مرافعته إظهار حق موكله دون التعدي على حقوق خصمه او عرقلة الفصل في الدعوى ، وعليه ان يسلك تجاه القضاء مسلكا محترما يتفق مع كرامة القضاء ، وان يتجنب كل ما يؤخر حسم الدعوى وان يتحاشى كل ما يخل بسير العدالة ( م 50 من قانون المحاماة ) ، وعلى المحامي ان يلتزم في معاملة زملائه بما تقضي به قواعد اللياقة وتقاليد المحاماة وآدابها ( المادة 51 من قانون المحاماة ) . وعلى القاضي ان ييسر عمل المحامي في حدود القانون . وقد نصت المادة 26 من قانون المحاماة ( يجب ان ينال المحامي من المحاكم التي يمارس مهنته امامها الرعاية والاهتمام اللائقين بكرامة المحاماة وان تقدم له التسهيلات التي يقتضيها القيام بواجبه ، ولا يجوز ان تهمل طلباته بدون مسوغ قانوني ) .
     ومن حق المحامي ان يسمعه القاضي ، ولكن ليس من حقه ، ان يطيل في مرافعاته دون طائل ، وليس من حقه ان يترافع للدعاية لنفسه او لموكله ، وان لا يسرف في المرافعة الشفوية بل عليه ان يقدم مذكرات تحريرية في موضوع الدعوى مشفوعة باحكام القضاء ، واراء الفقهاء ، وان لا يطلب تأجيل الدعوى الا لسبب مشروع ولا يجوز التأجيل اكثر من مرة للسبب ذاته الا اذا رأت المحكمة ما يقتضي ذلك لحسن سير العدالة . وان لا يطلب التأجيل للسبب المشروع اكثر من عشرين يوما الا اذا اقتضت الضرورة ذلك ( مادة 62 / 2 و 3 مرافعات مدنية ) وقد قررت الهيئة الموسعة في محكمة التمييز بقرارها المرقم 179 / موسعة اولى / 1980 المؤرخ 31/10/1981 ما يلي ( لقد استمهل المحامي ست مرات متتالية لابراز المستندات دون ان يراجع موكله بشأنها خلال فترة التأجيل ثم تغيب عن الحضور ، فقررت المحكمة ترك الدعوى للمراجعة ، فكان على المحكمة ان تقوم بنفسها بالتحقيق عن هذه التأجيلات واسبابها في ضوء المادة ( 62/2 ، من قانون المرافعات المدنية ) وعلى المحكمة في حالة استجابتها ان تعلل سببه ، اما التأجيل الاعتباطي وبدون سبب فانه يجعل المحامي مقصراً في دعواه .
     وللمحامي الوكيل ان يعتزل الوكالة بشرط ان يبلغ موكله هذا الاعتزال ولا يجوز له ذلك في وقت غير لائق ويعود تقدير ذلك للمحكمة ( مادة 53 / 1 مرافعات مدنية ) .
     وتعني عبارة ( وقت غير لائق ) هو الوقت الذي لا يستطيع الموكل تأمين مصالحه ويعود ذلك الى سلطة المحكمة التقديرية .
     وعلى المحكمة ان تقوم بتحديد نقاط النزاع الواقعية والقانونية بينه وبين خصمه الواجب حلها من قبل القاضي ، وان ينظم دفوعه وفقا لاحكام لقانون المرافعات المدنية واصول المحاكمات الجزائية وبشكل متجانس ومنطقي ، بعد هضم وقائع الدعوى والنصوص القانونية التي تحكمها وعلى المحامي ان يجذب انتباه القاضي إلى مرافعته وان يقنعه بحق موكله ، ( لأن مهمة المحامي هي العرض لا الفرض ).
     وهنا يرد قول المرحوم عبد العزيز فهمي ( إذا كان القضاء مهمته التقرير والقضاء فان مهمة المحاماة هي الإبداع والإنشاء والعرض ) ، وعلى المحامي ان يعلم ان لدى القاضي دعاوى كثيرة وان زملاءه ينتظرون دورهم ، فعليه الايجاز في مرافعته ، وعندما ينطق القاضي بالحكم بخسرانه الدعوى فعليه تقبل ذلك بقبول حسن ثم يقدم طعنا بالحكم لدى المحاكم المختصة دون ان يحمل حقدا على القاضي ، فاذا صدق الحكم تمييزا فعليه ان يثق باحكام القضاء المكتسبة درجة البتات لأنها الحقيقة القضائية كما رآها القضاء على مختلف درجاته لان من اول واجبات المحامي ان يثق باحكام القضاء بعد اكتسابها درجة البتات.
                                                                               رياض محسن الامين
                                                                             تشرين الثاني / 2015

الجمعة، 31 يوليو 2015


الجانب القانوني للخيانة الزوجية

إن مشكلة الخيانة الزوجية من أبرز المشاكل التي تواجه أي مجتمع على مستوى العلاقات الشخصية..
والخيانة الزوجية تتأرجح اختلافاً بين الشرع والقانون من حيث أركان ثبوتها وعقوبتها، وإن كانا متفقين على تعريفها فالجناية هي اقتراف جريمة الزنا التي تعني كل اتصال جنسي أو معاشرة جنسية بين شخص متزوج وشخص آخر أياً كان هذا الشخص، وأياً كان نوع هذا الاتصال الجنسي، فالقانون يجرمه ويوقعه تحت طائلة قانون العقوبات، والقانون يشترط لاكتمال أركان جريمة الزنا أن يتم ضبطها في حالة تلبس أو اعتراف أو ثبوت من واقع شهادة الشهود والمعاينة والفحص والتحليل في حالة عدم التلبس، أو الاعتراف، أما إذا لم يحدث ضبط تلبس بالجريمة ولم يعترف المتهم أو المتهمة، وسقط أحد أركان دعوى الزنا فلا يكون هناك جريمة قانوناً يحاسب عليها الجاني قانوناً.
كما يستطيع الزوج أو الزوجة المجني عليه أو عليها، أن يتنازل عن حقه في مقاضاة الطرف الجاني حفاظاً على الأولاد والسمعة والشرف ودرءاً للفضائح، بشرط أن تستأنف الحياة الزوجية بينهما مرة أخرى، سواء أتم هذا التنازل في بداية إجراءات التقاضي أم أثناء السير في إجراءات دعوى الزنا، كما يستطيع الطرف المجني عليه أن يرفع العقوبة على الطرف الجاني حتى ولو صدر حكم نهائي في الدعوى إذا قدم ما يثبت قيامهما بالمصالحة بالشرط السابق ذكره وهو استئناف الحياة الزوجية فيما بينهما..
وواقع الأمور، والقضايا يثبت أن الزوج هو بالطبع الأكثر خيانة من الزوجة، بحكم العادات والتقاليد والأعراف التي تحد من حجم الحرية الممنوحة للمرأة الشرقية العربية التي بحكم طبيعتها تكون الخيانة هي آخر ما يمكن أن تفكر فيه كزوجة وذلك كقاعدة عامة ولكل قاعدة شواذها كما نعرف.
وبرغم مشروعية الجمع بين زوجتين أو أكثر في الشريعة الإسلامية السمحاء، إلا أنه عند غياب الوازع الديني نجد أن الكثير من الأزواج يكتفي بواحدة، ويتصل جنسياً بمن يشاء من بائعات الهوى حينما يرغب في ذلك، أو يتخذ له صديقة أو رفيقة معينة.
 
ومن المفارقات والأحكام العجيبة الموافقة لشرع البشر وأهوائهم أنه وحسب القانون الفرنسي يحق للزوج أن يقتل زوجته ومن معها حال ضبطه إياها متلبسة بارتكاب جريمة الزنا، وتخفف عقوبته من السجن المؤبد إلى السجن لمدة ثلاثة سنوات كحد أقصى، أما إذا حدث العكس وضبطت الزوجة زوجها متلبساً بارتكاب جريمة الزنا ولو في فراشها وقتلته فإنها تعاقب كما لو كانت قد ارتكبت جريمة القتل العمد لأي سبب من الأسباب، ودون أي تخفيف أو تقدير للسبب الداعي للقتل..
 
الشك والتحقيق والتثبيت
وفي بعض الأحوال قد تكتمل أركان جريمة الزنا في غير حالة التلبس، وتكون الأدلة دامغة ومحكمة بشكل لا يثير الشك في كون الجريمة قد ارتكبت بالفعل، لكنها تثير ريبة القاضي وعدم اطمئنانه وتجعله يستشعر أن المتهمة بريئة، فيما لو كانت هي الطرف الجاني- وأن تلك الجريمة لم ترتكب من الأساس.
فإذا اتهم الزوج زوجته باقتراف جريمة الزنا ولم يضبطها متلبسة ولم تعترف، أو حتى لو اعترفت، فلكي لا يكون هناك مجال في كون هذا الاعتراف وقع تحت ضغط أو إكراه، تفحص الزوجة ويؤخذ منها عينة فإذا وجدت حيوانات منوية داخل رحمها غير الخاصة بزوجها اعتبر هذا دليلاً على ارتكابها لجريمة الزنا وكأنها حالة تلبس وإلا فمن أين جاءت؟
أما إذا ثبت الفحص خلو رحمها من أي سوائل أو حيوانات منوية تخص شخصاً آخر غير زوجها، كان هذا دليلاً على براءة الزوجة من تهمة الزنا حتى وإن وُجدت آثار منوية على ملابسها من الخارج، فأي شخص يمكنه إلقاء سائل منوي على الملابس الخارجية دون أن تشعر الزوجة أو المرأة، وبالتالي يحتمل أن يكون هناك من يريد الكيد لها.
 إذن فلكي تكتمل أركان قضية كالخيانة لابد وأن لا يكون هناك أي شائبة يحتمل معها إيقاع الظلم بأحد بواسطة التحليل الطبي الدقيق، إلا أن الرجل أيضاً في حالة توجيه تهمة الزنا إليه يخضع لفحص طبي وتسحب عينة منه يتبين منها بواسطة الفحص ما إذا كان قد مارس عملية اتصال جنسي منذ وقت قريب أم لا.
وكما سبق القول فإن القاضي إذا شك ولو بمقدار ذرة في صحة شيء ما في القضية ولم يطمئن فإنه يطبق فوراً قاعدة ( الشك يفسر لصالح المتهم)، ويحكم فوراً بالبراءة، فليس هناك وسطية في قضايا الزنا، فإما الجاني زانٍ وإما هو ليس زانياً، ويكون الحكم في تلك الحالة استرشاداً بروح القانون وليس بنصه الجامد.

الآثار القانونية للخيانة الزوجية :
أما بالنسبة للأثر القانوني لخيانة الزوجة لزوجها، فيتمثل في سقوط حقها في المتعة وبقية حقوقها كمؤخر الصداق وغيره فقط، وبالنسبة لأولادها يسقط حق حضانتها لهم إذا كانوا في سن التمييز بين الخطأ والصواب، ولا تحتفظ إلا بالطفل الذي هو دون العامين والذي لا يستغني عن خدمة النساء في الطعام والنظافة، ولا يستطيع تمييز ما تفعله أمه.
أما الزوج الزاني الذي تثبت عليه جريمة الزنا، فتستطيع الزوجة رفع دعوى طلب الطلاق منه للضرر، فليس هناك أشد ضرراً للزوجة من الخيانة، وفي تلك الحالة تستحق نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر صداقها، وكذلك تعويضاً عما أصابها من الضرر المعنوي

رياض الامين 

الخميس، 23 يوليو 2015

من مقالاتنا في مجلة العترة 

العانس بين الالم والامل 
--------------------

ان  زواج المرأة من أنفع الأمور التي تصلح بها حياة المرأة المسلمة وتتال السعادة في الدارين وتتحقق لها من خلاله مصالح متعددة من إعفاف وسكن واستقرار وولد وأنس وغنى وغيرها. قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

ولكن قد لا توفق المرأة للزواج ولا يأتيها الحظ في هذا الشأن لأسباب كثيرة خاصة تتعلق بها أو عامة من دينية واقتصادية واجتماعية ووظيفية ، وتفصيل هذا يطول ليس هذا محله وقد كتب كثيرا في هذا المجال.

وإذا أصبحت المرأة عانسا لأمر ما وفاتها قطار الزواج كما يقال فإنها غالبا تعيش في هم ونكد وحزن وعذاب نفسي وشبح يطاردها ويتجدد هذا الحزن والأسى كلما تعرضت لموقف أو مشهد يلامس عواطفها ويحرك رغباتها الفطرية أو تعرضت لنقد وكلام يجرح مشاعرها أو يقلل من شأنها. وإذا استمر معها هذا الشعور والإحساس المجروح قد يسبب لها أزمات وأمراضا نفسية وربما أوقعها في الانحراف والرذيلة إذا وافق ذلك أسرة مفككة ومعاملة قاسية وحرمانا عاطفيا. 

إنه لا مخرج للعانس من هذه الدوامة بعد إذن الله وتوفيقه إلا بالوعي والثقافة الصحيحة المستندة على المفاهيم الدينية الصحيحة وقواعد التربية السليمة والتجارب الناجحة.

ينبغي على العانس أن تتفهم المرحلة التي تمر بها وتوطن نفسها على الصبر على ذلك وتمعن النظر والتأمل في الأمور الآتية التي تسليها وتهون مصابها:
أولا: أن تعلم أن عدم توفيقها للزواج أمر كتبه الله عليها والواجب عليها أن ترضى وتسلم بما كتبه الله عليها وتفوض أمرها لله فإن فعلت اطمأنت وسكنت نفسها. قال تعالى: (مآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ). قال علقمة: (هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم).
ثانيا: ولتعلم أيضا أن الله قدر ذلك لها لحكمة عظيمة قد تخفى عليها فالله لا يقضي أمرا شرا أو خيرا إلا لحكمة فالأقدار كلها قدرت لتحصيل مصلحة راجحة أو درء مفسدة راجحة ليست عبثا. ولم يقدر الله قدرا شرا محضا بل يكون فيه خير من جانب آخر.
ثالثا: ولتعلم أنه قد يكون عدم الزواج بالنسبة لها أفضل وأحسن حالا من الزواج فصرفه الله عنها دفعا لما أعظم من الشرور فقد يكون زواجها فتنة عليها وبلاء يعرضها للعقوبة العاجلة أو الآجلة.
رابعا: أن تدرك أن عدم توفيقها للزواج ليس نهابة الحياة بالنسبة لها وليست السعادة محصورة في هذه الحال بل السعادة لها أسباب كثيرة حسية ومعنوية إذا حصلتها سعدت بها ومن أعظمها الإيمان والعمل الصالح. فال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). قال ابن عباس: (هي السعادة).
خامسا: أن توقن أنه إذ كان الله قد منعها هذه النعمة الطيبة فقد رزقها نعما أخرى كثيرة منها الصحة والعافية والهداية والمال ولا يحصيها إلا الله. قال تعالى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا). قال أبوالدرداء: (من لم ير نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قل علمه وحضر عذابه).
سادسا: أن تدرك أن هذه الحال التي ظاهرها الحزن والحرمان تتجلى فيها منحة وهي التفرغ وعدم الانشغال والالتزام بأعباء الزوج والعيال فإذا وظفتها وشغلتها بالخير كانت نعمة جليلة وغبطة لها.
سابعا: أن تعلم أن ما يصيبها من هم وحزن وألم من جراء ذلك هو خير تؤجر عليه وتكفر خطاياها وترفع منزلتها وهذا يهون عليها. قال رسول صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له: إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن). رواه مسلم.
ثامنا: ينبغي على العانس أن تشغل وقتها بالأعمال الناجحة والبرامج المفيدة مما يعود على إصلاح دينها ودنياها. إن شغل الوقت بالعمل المتجدد الدؤوب المعطاء الذي له أثر حسن على تسلية العانس وسلوها عن فقد الزواج والأولاد.
تاسعا: ينبغي لها أن تحسن التوكل على الله وتعتمد عليه حق الاعتماد وتحسن الظن بربها وتلتجئ إليه في كشف همها وتنفيس كربها بالصلاة والدعاء والذكر وحفظ الجوارح وتكون متفائلة بحصول الخير منه ومن اتصل بالله وأنزل همه به أصلح حاله ولم يضيعه. 

إن أعظم ما يسعد العانس ويدخل على قلبها السرور بذل الجهد في سبيل إسعاد الآخرين من المحرومين والفقراء والمساكين والأيتام واللقطاء فإن قلبها يسعد وينشرح إذا رأت الفرحة في وجوه الآخرين وتشعر حينها أن لها دورا عظيما في الحياة وأن لها قيمة في المجتمع.

إن عدم انشغال العانس يأمر ذي بال ووقوعها في الفراغ له أثر سيئ في جلب الأحزان والهموم وتمكن الشيطان من قلبها وفتح عليها باب الندم والألم بسبب فقدها الزواج فتصبح نهبا للوساوس والأفكار السيئة وقد يحملها ذلك على طلب المتعة عن طريق العلاقات المحرمة.

إن على العانس أن تملأ حياتها وتوجه طاقتها من عاطفة وفكر واهتمام ومشاعر في أمور نافعة تجد نفسها فيه من اشتغال بطلب العلم والثقافة ومشاركة في الدعوة إلى الله ومشاريع تطوعية إنسانية وهوايات مبدعة مفيدة وغير ذلك مما تستفرغ فيه جهدها وتشغل بالها. أما بقاؤها عاطلة وشعورها بالوحدة وتفاعلها واستجابتها لحاجاتها الفطرية يوقعها في الاكتئاب والاضطرابات النفسية.

إن أخطر أمر على العانس يجعل حياتها جحيما وعذابا ملازما استحضار حالة العنوسة في فكرها وأن تلوم نفسها وتنتقد تصرفاتها على سبيل الدوام واعتقادها أنها هي السبب الوحيد في عدم توفيقها في أمر الزواج. فجلد الذات وممارسة اللوم والعقاب المستمر وتحميل المجتمع المسؤولية والحقد عليه يجعلها تعيش حالة اليأس والحزن السلبي الذي يترتب عليه مفاسد وشرور. ولو تأملت وتفكرت أن العنوسة التي حلت بها لا تخلو من حالتين: 
1- أن لا يكون لها علاقة مباشرة وتدخل وإنما انصرف عنها الأزواج لأمر لا تملك فيه خيار ولا قرار بل هي موانع أوجدها الله فيها وفي ظروفها من عاهة أو نقص أو تعسر حال أو عضل ولي ليس في مقدورها تجاوزها. ففي مثل هذه الحالة لا يليق بها أبدا أن تلوم نفسها لأنها لم تسبب في ذلك.
2- أن يكون ما حل بها بسبب منها مباشر وتدخل فقد كانت ترفض الأزواج وتتعنت في الشروط وتتشدد في الأوصاف والمؤهلات فانصرف الأزواج عنها. فهذه الحالة أيضا لا يحسن بها أن تلوم نفسها لأنه خطأ فات وانقضى وأصبح في عداد الزمن الماضي ولا يليق بالمؤمن أن يعاتب نفسه ويعاقبها على أمر فات لا يملك استدراكه بل هو باب يلج منه الشيطان ليحزنه ويصرفه عن الخير وقد قال الله تعالى في توجيه المؤمنين: (لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ). قال عكرمة: (ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكرا والحزن صبرا). فالمشروع لها أن تتجاوز هذه المرحلة وتنسى وتتناسى وتعيش حاضرها وتتطلع للمستقبل المشرق بإذن الله.

ينبغي على العانس أن لا تيأس من حصول الخير ونزول الرحمة فيما يأتي من حياتها فلا تيأس من روح الله ولا تغلق باب التفاؤل ، وأن تكون متعقلة واعية واقعية في اتخاذ القرار إذا سنحت لها فرصة ولو كان فيها شيء من النقص ما دام أن المصلحة راجحة فإن تقدم لها رجل متزوج وهو كفء ذو دين وخلق أو رجل كبير فلتستخر وتشاور أهل الحكمة ثم تقبل به ليتسنى لها العفاف والرعاية والذرية الصالحة التي تصلها بالبر في حياتها ومماتها. وكم من امرأة عاقلة قبلت بذلك فاغتبطت وسعدت وكانت حياتها إلى الأفضل.

ويجب على مجتمعها الخاص والعام أن يتفهم وضعها الحساس والدقيق وأن يتعامل معها بكل رفق ولين ولا يحرجها في المناسبات ولا يجرح مشاعرها ولا يتعامل معها على أنها مسكينة أو محرومة محلا للرحمة والشفقة. بل عليه أن يعاملها معاملة طبيعية لا يشعرها بالدون أو يؤثر عليها المرأة المتزوجة.

ولا يحق للأسرة أن تستغل فراغها وتخصها بتكاليف أعمال المنزل وواجبات الأسرة دون مراعاة لنفسيتها وحقوقها الخاصة ومصالحها بل عليها أن تعدل في توزيع المهام بين أفرادها ولا تحملها مالا تطيق بحجة أنها بلا زوج فإن هذا لا يسوغ شرعا إلا إذا تبرعت بذلك عن طيب نفس منها.

ومن احتسب الأجر من أهلها وأحسن معاملتها وراعى حاجاتها الخاصة لا سيما حال الكبر وموت والديها وتفرغ لقضاء حوائجها وكفل لها الحماية والأمان الأسري كان له ثواب عظيم وفضل عميم لأن الغالب على العانس إذا كبرت وانقطع رجاؤها من الزواج أهملت وضاعت حالها وقل من يعتني بها. 

رياض الامين 

 

السبت، 11 يوليو 2015

شروط قطع اليد في جريمة السرقة في الشريعة الاسلامية

شروط قطع يد السارق
إن الدين الإسلامي دين واضح ولا جدال فيه، ولقد بين جميع الحدود وعقوباتها، فالقرآن الكريم بين لنا، وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وضحت وفصلت كل ما يتعلق بديننا الإسلامي . فالقرآن الكريم حرم الزنا وعقوبته الجلد، وحرم السرقة وعقوبتها قطع اليد .لذا فان عقوبة قطع يد السارق وشروط تنفيذ هذه العقوبة، تكون على الوجه الاتي ولكن يجب علينا اولا أن نعلم جيداً مفهوم السرقة وما حكمها ؟وما الشروط التي عندها تقطع يد السارق ؟.
وتعرف السرقة بأنها: أخذ لمال الغير بشكل وحجم مخصوص، بغير حق، وعلى وجه الخفية .
أما حكم السرقة: فلا يختلف عاقلان على أنها محرمة، وقد أمر الإسلام بحفظ المال، وعدم الإعتداء عليه .
وليس الإسلام فقط بل جميع الأديان السماوية أكدت على حرمة السرقة .
حكم مشروعية حد السرقة :-
لقد حفظ الله تعالى حقوق وأموال الأمة بتشريع قطع يد السارق، وفي ذلك حفظ وصون لأموال الأمة . قال تعالى : {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)} [المائدة/38- 39].
  • شروط قطع يد السارق :-
1- أن يكون السارق بالغاً عاقلاً، فلا يطبق الحكم على طفل أو مجنون . 2- لا تقطع يد السارق إذا كان المسروق شئ محرم أو غير محترم، كالخمور . 3- أن يبلغ المسروق نصاباً، والنصاب هو: ربع دينار فما فوق . 4- أن يكون المسروق قد أخذ على وجه الخفية، فلا قطع في الإختلاس أو الإنتهاب . 5- أن يكون قد سرق من مكان مغلق، فلا تقطع يده إن سرق من صحراء، أو مكان مفتوح يدخله الجميع بدون إستئذان . 6- لا تقطع يد من سرق من مال والديه أو من مال ولده، وحتى بين الزوجين لا قطع . 7- لا تقطع يد السارق في وقت مجاعة أو قحط، ففي مثل هذه الأوقات يسقط الحد عنه . 8- أن تكون ثابتة السرقة على السارق بأحد الأمرين :- الأول : أن يقر ويعترف السارق مرتين . الثاني : أن يشهد عليه رجلان عادلان بأنه سرق .
هذه هي جميع الشروط التي ذكرها الفقهاء في كتبهم الفقهية، فلا يجوز قطع يد السارق إلا إذا إجتمعت كل هذه الشروط فيه . أيضا هناك طريقة لقطع يد السارق فلا تقطع كل يده، وإنما تقطع أصابعه الأربعة عدا الإبهام، وتترك راحة يده . فالإسلام لا يسعى وراء إسالة الدماء، ولكننا نعلم جميعا أن القوانين الوضعية لا تردع مجرم ولا سارق، وأيضا الإسلام يدعونا إلى التدرج في إقامة الحدود، فلا يمكن تطبيق الحدود مرةً واحدة في المجتمع، فالإسلام لا يقيم الحدود إلا بعد أن يقيم الحقوق

القاضي رياض الامين

الأحد، 28 يونيو 2015


إن الحاجة لتبادل العاطفة والحب والمودة هي من الحاجات الأساسية للذكر والأنثى، ولا تستقيم الحالة النفسية للإنسان إلا لما تلبى كل حاجاته الأساسية وعلى رأسها الحاجة العاطفية، قال تعالى: ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الروم. إن السكن والمودة والرحمة فيما بين الزوجين هي الأعمدة والأركان الأساسية للحياة الزوجية العاطفية الناجحة، ولا تتحقق مع بعضها مجتمعةً إلا تحت ظلال شريعة الخالق جل وعلا وهدي نبيه محمد صلى الله عليه وسلم. والرغبة الجنسية بالمقابل هي أيضاً كالطعام والشراب لابد من إشباعها بالوسائل المشروعة حتى تتحقق حالة التوازن النفسي عند الإنسان.
أما العلاقات العاطفية المعنية هنا بأنها الفخ أو الشرك فهي تلك العلاقات العمياء التي لا تسير وفق منهج الشارع في ضبط التواصل ما بين الذكر والأنثى، وتُنسج حبائلها في الظلام بعيداً عن العرف وتحدياً لكل قوانين المجتمع.

ولابد من إشباع الجانب العاطفي و الرغبة الجنسية بوسائل تبعد الإنسان عن حالة الصراع مع ضميره وقيمه ودينه، فحتى يبتعد الإنسان عن الشعور الحارق الطاعن بالذنب لابد ان يتحرى السبل السليمة الشرعية لإشباع عاطفته ورغباته الجنسية. هذا الأمر هام لتحقيق حالة النفس المطمئنة المستقرة الراضية لربها وفي نفس الوقت تحقق رغباتها وشهواتها وفق منهج خالقها دون أدنى شعورٍ بالذنب أو الكبت، قال تعالى: ( يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي  وَادْخُلِي جَنَّتِي (سورة الفجر)
بل على العكس إن إشباع الحاجة العاطفية وتحقيق الرغبة الجنسية وفق شرع الإسلامي الحنيف هو عمل يؤجر عليه صاحبه، قال صلى الله عليه واله وسلم: ( اوفي بُضْعِ أحدِكم صدقة ، قالوا : يا رسول الله ، أيأتي أحدُنا شهوتَهُ ، ويكون له فيها أجر ؟ قال : أرأيتم لو وضعها في حرام ، أكان عليه وِزْر ؟ فكذلك إذا وضعها في الحلال ، كان له أجر )
اان علاقة الطفل ومن ثم الشاب مع أبيه وأمه على السواء لابد ان تكون ذات عمق عاطفي وشخصي، بمعنى أن يكون والديه مصدر جيد وكافي للعاطفة والحب بحيث يشعر الابن بالأمن والحماية والمودة مع أبويه. وهذه النقطة في غاية الأهمية لموضوع العلاقات المحرّمة، لأن هذه العلاقات غالبا ما تُنسج وتُحاك حبالها في جو العلاقات الزوجية المضطربة ما بين الأبوين، أو أن يكون الأب أو الأم فاقدي دورهما ومكانتهما من حياة الشاب أو الشابة وعندها يعوّض الحبيب أو الحبيبة دور الأب أو الأم المفقود مما يسّهل عملية وقوع الشاب أو الشابة في الفخ
كما تختلف الأنثى عن الذكر بطغيان العاطفة على العقل ، فحينما تحب يصبح ذلك الرجل محور حياتها كلها ، وفقده يعني خسارة الحياة بأكملها ، وهذا يعني إذا تعلّقت الأنثى مع ذكر بعلاقة عاطفية غير ناضجة وليس بالمعلوم أتنتهي بزواج أم لا، ثم حدث الانفصال بسبب أن الذكر كان غير جاد أو غير قادر على الاستمرار معها ، نجم عندها معاناة نفسية شديدة الوطأة كبيرة الأثر، تتراوح ما بين الكآبة الشديدة إلى الحالات الذهانية و الوسواس وما إلى ذلك من الآلام النفسية المبرحة التي نصادفها في عياداتنا النفسية، والأهم من ذلك تأثر العلاقة مع الشريك الحقيقي الشرعي في المستقبل، بسبب أن قلبها لا يزال في شرك العلاقة القديمة الغير شرعية.
إذا دخل الذكر ذلك الفخ وكان غير مستعد ليدخل عش الزوجية الآمن، اضطربت حياته العملية وتأثر إنتاجه الأكاديمي والعملي، لأنه في مرحلة التأسيس ، مما أنتج عنه حالة عجزٍ وضعفٍ وما يليها من المثالب والمهالك المعروفة كاللجوء للمخدرات وغيرها من آفات الفراغ والعجز، وكذلك تأثر علاقته مع شريكة المستقبل الشرعية.


رياض الامين

الخميس، 18 يونيو 2015


صلة الدين بالقانون واوجه الشبه بين قواعدهما 
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تبتعد قواعد الاديان الفردية كثيرا من دائرة القانون وتقترب من قواعد الاخلاق من حيث الغرض والنطاق لانها تركز اهتمامها على حكم واجبات الفرد تجاه نفسه وربه ولايعني ذلك انها لاتكترث بالروابط الاجتماعية لان الاديان جميعا جاءت لاغراض اجتماعية هادفة الى اصلاح المجتمع البشري بل هي تلتفت اليها ولكن التفاتتها تكون من زاوية اخلاقية فحسب دون ان تعرض لبيان القواعد التي تنظم هذه الروابط عرضا موضوعيا , ان الدين الجماعي يشارك القانون في تنظيم الروابط الاجتماعية وينقلب قانونا في نطاق ما ينظمه اذا اجبرت السلطة العامة الناس على الخضوع لاحكامه وفرضت جزاءا ماديا على من يخالفه , وتتفق قواعد القانون مع قواعد الدين في جملة من اوجه الشبه :
يتماثلا من حيث الغاية غير المباشرة اذ يرميا كلاهما الى السمو بالمجتمع البشري واسعاده 
كما يتشابهان بان قواعدهما تنصرف في حكمهما الى كل من اتصف بصفة معينة من الاشخاص او توافرت فيه شروط محددة من الافعال تعلق بها قاعدة عامة .
كما تتميز قواعد كل منهما بانها قواعد سلوك اجتماعية تهدف الى تحديد سلوك الفرد في الهياة الاجتماعية وتقويمه وفرضه عليه فرضا مطلقا لا شرطيا 
كما توصف قواعد كل منهما بانها قواعد ملزمة تقترن بجزاء يحمل الناس على اتباعها 
كما تتميز جميعها بالوضوح والاستقرار ولا يكتنفها الغموض لانها محددة المفاهيم ويسهل التعرف عليها بالرجوع الى المدونات وغيرها من المواطن التي تجمع قواعدها
رياض الامين

الثلاثاء، 9 يونيو 2015


حالات وجوب مهر المثل :
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اولا : 
إذا لم يتم المهر في عقد صحيح كأن يقول زوجيني نفسك فتقول قبلت أمام شاهدين , و في هذه الحالة تسمى المرأة بالمفوضة لأنها فوضت أمر مهرها .
ثانيا : 
إذا اتفقا في العقد على نفي المهر كان يقول زوجيني نفسك على ان لا مهر لك فتقول قبلت فالشرط هذا باطل ويصح العقد ولها مهر مثلها وذلك لان آثار العقود في الشريعة الإسلامية جعلية لا اثر للإرادة الا في إنشائها و من هذا عقد الشغار الذي كان في الجاهلية وهو ان يزوج رجل من في ولايته على ان يزوجه الآخر من هي في ولايته فتكون كل امرأة مهرا للأخرى فقد جعل الإسلام زواجا صحيحا على ان يثبت كل منهما مهر مثلها .
ثالثا : 
إذا كان المهر مسمى في العقد ولكن التسمية غير صحيحة وقد نصت على هذه الحالات الفقرة الأولى من المادة التاسعة عشرة المارة الذكر ويجب الأقل من المسمى ومهر المثل إذا تم الدخول بعقد فاسد مع شبهة معتبرة .

رياض الامين

الاثنين، 8 يونيو 2015

آثار العفو

كل فعل يمنع القيام به يشكل جريمة لابد ان يعاقب عليها القانون وعدم المنع او عدم النص على عقوبة يجعل الفعل غير محرم وبالتالي لايشكل جريمة .
وعلى هذا الوصف للفعل ان من يقوم باتيانه يعتبر  مجرما وكما قلنا لابد من توفر شرط المنع وكذا شرط العقوبة وهذا المبدا هو الذي يسمى في علم القانون الجنائي (مبدا لاجريمة ولا عقوبة الا بنص) و لما كان مرتكب الفعل المجرم يسمى مجرما فعلى هذا الوصف لابد من ملاحقته و معاقبته بالعقوبة المنصوص عليها قانونا وهي التي تضفي على ذلك صفة الشرعية في الوصف الجنائي المتقدم و على هذا لو استعرضنا تلك الافعال جنبا الى جنب في القوانين العالمية لم نجد والحالة هذه ان دولة ما منحت بين الحين والاخر منحة العفو الشامل عن المجرمين الذين اخطؤا بحق مجتمعاتهم والانسانية جمعاء , فالعفو في تلك الدول ماهو الا منحة تصدرها الحكومة وفقا للقانون لاعتبارات انسانية لادخل للسياسة فيها بعيدا عن التناحرات المذهبية والطائفية ولا حتى السياسية ولم تعتبر تلك المنحة يوما مساومة عن صفقة من تلك الصفقات التي تدار خلف الكواليس لذا تجد ان تلك الدول تعيش حالة استقرار وتقدم وتطور بسبب القضاء على الجريمة لما تبعد انظمتها الجاني من الساحة الاجتماعية اما باصلاحه بعد ان يقضي مدة عقوبته ويعود عضوا نافعا مشاركا الهياة الاجتماعية في نشاطاتها الانسانية او ابقاءه خلف القضبان اذا لم يرعوي ولم يمتثل لذلك الاصلاح  . اما دول العالم الثالث (النامية / النايمة)  تجد ان ادارة السياسة فيها تعيش في سبات عميق باصدارها بين الحين والحين قوانين العفو عن المجرمين دون اعتبار لما سيجر ذلك من ويلات وانتكاسات قبل ان تدرس سياسات العفو وما تؤؤل اليه من نتائج بين عناصر قد تالف العفو وفتح صفحة وتاريخ جديد بعد ان تسدل الماضي , وواقعنا ملئ بصور ونماذج لهذا الواقع المؤلم الذي قد لم يطلع عليه الافراد العاديون البعيدون عن بعض المعتقلين الذين صدرت بحقهم قواعد العفو وقوانينه , ورب قائل يقول : ان الله هو العفو , لكنه يتناسى ان الله عمن يعفو ؟ عمن لم يستغفره ويتوب اليه توبة نصوحا اذ يكرر الذنب بعد حين ؟ ام يعفو عمن اساء لمجتمعه وللانسانية ولم يحفظ له حقوقه ولم يعدها ؟ مراجعة بسيطة للانظمة والقوانين العالمية ومقارنتها مع وضع بلدي تكشف عن سر تقدم ما وكذا سر تاخر ما فتطبيق العدل بتفعيل العقوبات لهو اساس الملك لان (العدل اساس الملك)     

رياض الامين   
 

الخميس، 28 مايو 2015

قواعد السير ( احكام المرور ) في الشريعة الاسلامية 

ان الشريعة الإسلامية قد سبقت النظم الوضعية بمئات السنين في وضع القواعد والأحكام المنظمة لأحوال السير على الطرق وشروطه وآدابه وأحكامه . من ذلك القاعدة المرورية التالية : 
المرور في طريق المسلمين مباح مقيد بشرط السلامة فيما يمكن الاحتراز عنه. ومعناها : أن سير الإنسان وسوقه وقوده في الطريق العام مأذون فيه شرعا إذا توفرت شروط السلامة لجميع المنتفعين بالطريق فإذا لم تتوفر شروط السلامة لم يكن مأذونا له بذلك . وعليه ضمان ماتولد عن فعله ، إلا إذا كان مما لا يمكن الاحتراز عنه . 
والسبب في تقييد إباحة السير في الطريق بشرط السلامة هو أن الطريق من المنافع العامة التي يشترك جميع الناس فيها ، فلا بد لكل منتفع بالطريق أن يتقيد بها لأجل أن يمكن غيره من استيفاء حقه في الطريق . 
كما  يجب على مستعمل الطريق أيا كان أن يلتزم بآداب الطريق التي حددتها الشريعة الإسلامية في الكتاب العزيز والسنة المطهرة . 
ويدخل في هذه الآداب قواعد السلامة المرورية . كما أثبتت التجارب والتحقيقات المرورية أن تجاوز السرعة المقررة للطريق أهم سبب في وقوع الحوادث المرورية فلذلك ينبغي توعية الناس بصفة مستمرة لأخطارها ووضع قواعد محددة لمراقبتها . ان  الحوادث المرورية بمختلف أنواعها من تصادم ودعس وإنقلاب وسقوط وغير ذلك لا تخرج عن كونها أحد أنواع الجنايات في الشريعة الإسلامية . 
ان  السيارة يصح أن تكون آلة قتل عمد إذا توفر القصد الجنائي .  أساس الخطأ في الشريعة الإسلامية يقوم على أساس الإهمال أو التقصير أو عدم التثبت والاحتياط. 
ان ما يذهب إليه كثير من رجال التحقيق في حوادث المرور في هذا العصر من تميز أحد الفعلين عن الآحر في الضمان ، كأن يجعل على أحد السائقين المصطدمين خطأ مثلا سبعين في المائة من الضمان ، وعلي الآحر ثلاثين في المائة أو العكس ، او أقل أو أكثر ظنا منهم أن خطأ أحدهما أكثر من الأخر ليس له اعتبار في الأفعال الجنائية عند الفقهاء تساويهما في القوة والضعف لعدم أنضباطها ، فسقط اعتبار تساويهما ، ووجب إحالة الضمان عليهما جميعا بالتساوي ما دام أنه يمكن إضافة الضمان لكل منهما لو انفرد بالجناية ,, ولو اشترك اثنان مثلا في قتل إنسان فجرحه أحدهما جرحا والأخر اماته فأنهما سواء في القصاص والدية ما دام أن جرح كل واحد منهم يصلح للقتل لو انفرد بنفسه . فكذلك هنا لا عبرة بالتفاوت بين خطأي المصطدمين في القوة والضعف ما دام أن خطأ كل واحد منهما يصلح أن يكون سببا في وقوع الحادث . وكم من حادث بسيط تسبب في وقوع حادث كبير . ولذا ينبغي صرف الجهد في تعيين الأسباب التي يمكن أن تناط بها أحكام حوادث المرور فإذا تم ذلك طبقت عليها قواعد الضمان في الشريعة ، وبهذا يسلم من الوقوع في الحرج المتمثل في التقدير القائم على الحدس والتخمين الذي ليس له أساس صحيح يمكن الاعتماد عليه . 
لا شك انه إذا انقلبت سيارة مثلا بسبب تفريط سائقها فمات فيها عدد من الأشخاص وجب علي السائق من الكفارات بعدد الأموات . ولو اصطدم سائقان خطأ فهلك من جراء الاصطدام عشرة أشخاص ، وجب على كا منهما عشر كفارات على الراجح من أقوال الفقهاء . 
ان تحديد العقوبة التعزيرية في نظام المرور بحد أدنى وحد أعلى أولى بالتطبيق في هذا العصر .

القاضي رياض الامين 

الأربعاء، 20 مايو 2015



المال العام هو المال المملوك للدولة او للاشخاص الاعتبارية العامة والذي يتم تخصيصه بالفعل للمنفعة العامة , تمثل أموال الدولة العامة الوسيلة المادية التي تستعين بها الجهات الإدارية على ممارسة نشاطها خدمة للصالح العام                                                                                                                                                         وحيث ان الدولة هي تجمع سياسي يؤسس كيانا ذا اختصاص سيادي في نطاق إقليمي محدد ويمارس السلطة عبر منظومة من المؤسسات الدائمة.و بالتالي فإن العناصر الأساسية لأي دولة هي الحكومة والشعب والإقليم، بالإضافة إلى السيادة و الاعتراف بهذه الدولة، بما يكسبها الشخصية القانونية الدولية، ويمكنها من ممارسة اختصاصات السيادة لاسيما الخارجية منها وعلى هذا فانا وانت نشكل جزءا مهما من عناصر الدولة واموال الدولة هي اموالنا وسارقو تلك الاموال هم سارقونا ولابد من محاسبتهم واعادة المال العام المسروق لاعضاء تلك الدولة مواطنيها ومنهم السارق ايضا , لكن مايلفت النظر ويثير الاستغراب التزام العامة الصمت المطبق والمال العام الذي هو مالهم يهدر في وضح النهار لارادع لمن استحل واستباح حرمة هذا المال والادهى من ذلك – ولربما كان هذا احد اسباب الصمت – ان تؤدي بك تلك المطالبة والاحتجاج والاستنكار الى ان قد تدفع حياتك ثمنا للمطالبة بحقك حين تقول هذا مالي , وما اشبه ذلك بسفاح يحضر بيتك ويساومك بين سرقتك باعز ماتملك من اموال وبين القتل والتشريد وفي الحالتين يمنع عليك الاستنجاد . من كل ماتقدم ومن الوقائع التي ظهرت على ارض الواقع نجد مسؤولية السارق قائمة فمن اهدر تلك الاموال في مواضع الهدر , ومن اختلسها ايضا يكونان مسؤولين عن اعادتها وعلى الجميع المطالبة فورا وبلا تردد بمحاسبة المقصر جزائيا ناهيك عن ارغامه على اعادة تلك الاموال التي يشترك فيها ابناء البلد الواحد , لذا والحال هذه اصبح لزاما على كل فرد يعيش على ارض الدولة ان يسهم في محاسبة سارقي المال العام واعادة الاموال المسروقة الى الخزينة العامة التي يشترك الجميع في امتلاكها ولا اساس قانوني يستند عليه المسؤولون في محاسبة من يستنكر تلك السرقات ويطالب باعادة المسروق منها   .

رياض الامين    

الخميس، 7 مايو 2015


العقوبة الجنائية بين القوانين الوضعية والشريعة الاسلامية 
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
القاضي رياض الامين
لايمكن ان ننسى حين نقارن القوانين الوضعية بالشريعة الإسلامية، أن الشريعة الأخيرة شريعة دينية أساسها الإسلام، فلا يمكن بطبيعة الحال أن تتجه اتجاهاً يخالف الإسلام، وأن الدين الإسلامي يعتبر النظام الأساسي للدولة بكل ما يشتمل عليه من صوم وصلاة وزكاة وحج وتوحيد، وبكل ما يوجبه ويحرمه، وهو نظام لا يقبل التجزئة بطبيعته، فليس من المستطاع الأخذ ببعضه وترك بعضه؛ لأن الأخذ ببعضه وترك بعضه هدم له. وقد فهم أصحاب الرسول - صلى الله عليه وسلم - هذا الوضع حق الفهم، فحاربوا مانعي الزكاة بعد وفاة الرسول واعتبروهم مرتدين، مع أن المسلمين كانوا في أشد الحاجة إلى المسالمة في هذا الوقت العصيب الذي انتفضت فيه شبه جزيرة العرب كلها على المسلمين.
فالشريعة إذن لا يمكن بأي حال أن تتخلى عن العقاب على الجرائم الدينية أو الأخلاقية؛ لأنها تقوم على النظام الإسلامي، ولأنها وجدت لحماية هذا النظام والمحافظة على مقوماته، فلابد أن تحرم كل ما يسمه وتعاقب عليه. 
ولا يصح أن يعتبر عيباً في الشريعة الإسلامية، لأنه صفة أساسية لاصقة بكل نظام أقيم أو يقام على وجه الأرض، فكل نظام له أسسه التي يقوم عليها، ومقوماته التي لا يستمر بغيرها، ولا يمكن أن يقوم أي نظام وضعي إذا أهملت أسسه، وتجوهلت مقوماته، فالديموقراطية لها أسس معينة ومقومات خاصة، وكل نظام من هذه الأنظمة تختلف أسسه ومقوماته اختلافاً ظاهراً عن أسس النظام الآخر ومقوماته، ولا يمكن أن يعيش أي نظام من هذه الأنظمة إذا أهملت بعض أسسه أو تجوهلت بعض مقوماته؛ لأنه بهذه الأسس والمقومات وجد وعاش، وتميز عن غيره من الأنظمة، ونحن نعلم أن كل نظام من هذه الأنظمة الثلاثة يضع عقوبات قاسية على كل ما يمس أسس النظام أو يهدم مقوماته، فلا عيب إذن على الشريعة إذا عاقبت على كل ما يمس النظام الذي قامت عليه؛ لأن ما تفعله الشريعة هو طبيعة لازمة لكل نظام يراد له البقاء والنماء والاستقرار. وإذا كانت الشريعة تعاقب على ما لا تعاقب عليه القوانين الوضعية فليس ذلك بشيء؛ لأنه يرجع إلى تغاير النظم واختلاف طبائعها، وما دامت اتجاهات النظم مختلفة، وطبائعها مختلفة، فلا يمكن أن تتفق فيما تحل وفيما تحرم.
والأمثلة على ذلك بارزة في الأنظمة الوضعية، فالشيوعية مثلاً تعاقب على الدعوة للنازية والديموقراطية، والنازية تعاقب على الدعوة للديموقراطية والشيوعية، والديموقراطية تحارب الشيوعية والنازية وتعاقب عليهما، والملكية الفردية مباحة إلى غير حد في البلاد الديموقراطية، ولكنها جريمة في البلاد الشيوعية. فاختلاف الأفعال المحرمة في النظم لا يمكن أن يكون عيباً بذاته، لأن قيمة النظام لا تقاس بما يحل وما يحرم، ولا بعمومه وخصوصه، وإنما يقاس بما يؤدي إليه من إسعاد الجماعة، ورقيها وتفوقها، ونشر العدل والمساواة والتراحم بين أفرادها.
القاضي رياض الامين
ايار / 2015

الأحد، 19 أبريل 2015

يعد الفرد شريكاً في الجريمة إذا كان لديه الدراية والعلم بالحدث، أي واقعة الجريمة، وكان قادراً على تبليغ الجريمة، ولكنه فشل في تحقيق ذلك مقصراً أو قاصداً. وبالتالي هذا الشريك يسمح للجاني الاستمرار في تنفيذ جريمته بالرغم من أنه يمكنه منع الجاني إما عن طريق المنع المباشر، وإما بالاتصال مع السلطات، وقد يصبح هذا الفرد مسانداً للجاني بعد ارتكاب الجريمة عوضاً من أنه متفرج بريء.
يحدد القانون مدى درجة الاشتراك في ارتكاب الجريمة. ولا تعتبر عادةً عملية الاشتراك جريمةً تلاحق قانونياً، بالرغم أنه أحياناً يتعارض مع المفهوم المتعارف لها. وقد يصبح الشريك متآمراً في الجريمة على حسب درجة تورطه، وإذا ما اكتملت الجريمة أم لا.
يجعل مفهوم الاشتراك أو التواطؤ من الفرد مسئولاً من الناحية الجنائية جزاء أفعال الآخرين. وقد تشمل عملية الاشتراك في ارتكاب الجريمة مساندة الجاني والتآمر معه. وكثيراً ما يشار المسئولية القانونية لمساندة الجاني بالاشتراك في ارتكاب الجريمة
يساعد الشريك جانياً في ارتكاب الجريمة، والاشتراك بنوعيه: إما بتورط الشريك من الدرجة الأولى في المشاركة الفعلية في ارتكاب الجريمة، وإما بتورط الشريك من الدرجة الثانية في المعاونةوالتحريض فيه. وتكون المعاونة إما الجسدية وإما النفسية. ويسمى الشريك من الدرجة الثانية بالمتواطئ في ارتكاب الجريمة.
وفقاً للقانون العام، ينقسم الشريك في ارتكاب الجريمة إلى نوعين: الشريك الأساسي، والمساند للجاني. فالشريك الأساسي هو من كان حاضراً في مشهد الجريمة، وشارك في عملية ارتكاب الجريمة. بينما المساند للجاني هو من لم يكن حاضراً في لحظة ارتكاب الجريمة، ولكنه قام بمعاونة أو تقديم المشورة أو تمويل أو تكليف أو تحريض الشريك الأساسي أو حمايته قبل أو بعد ارتكاب الجريمة، وينقسم النوعان إلى القسمين الفرعيين. فالشريك الأساسي ذو الدرجة الأولى هو من كان لديه حالة ذهنية أكيدة (النية) ليرتكب الجريمة الفعلية، مما شكلت جريمة جنائية. وأما الشريك الأساسي ذو الدرجة الثانية- يشار إليه أيضاً بالمعاون أو المحرض-  هو من كان حاضراً في مشهد الجريمة، وقام بمعاونة وتحريض الشريك الأساسي ذو الدرجة الأولى. وأيضاً ينقسم المساند للجاني إلى القسمين الفرعيين بحسب قبل حدوث الجريمة وبعدها. فالمساند للجاني قبل وقوع الجريمة هو من قام بمعاونة وتحريض الشريك الأساسي ومساعدته في تخطيط الجريمة وتحضيرها، ولكنه لم يكن حاضراً عند وقوع الجريمة. وأما المساند للجاني بعد وقوع الجريمة هو من قام بمساعدة الشركاء الأساسيون بمحض إرادته ووعيه الكامل في عدم القبض عليهم وتقديمهم للعدالة. ومن ثم تم إقرار بأن المساند للجاني بعد وقوع الجريمة ليس شريكاً فعلياً في الجنحة الجنائية بالمعنى الحقيقي للكلمة بحكم تورطه بعد حدوث الجنحة الجنائية.

رياض الامين

الأربعاء، 8 أبريل 2015

العنوسة


العنوسة
ـــــــــــــــــــــــ


تفشت في بعض المجتمعات ظاهرة العزوبة لدى الشباب، والعنوسة لدى النساء،وترجع هذه الظاهرة إلي عدة عوامل أهمها : الغلاء الفاحش في المهور وإعداد بيت الزوجية مما يرهق الشباب ويجعلهم يعزفون عن الزواج، وكذلك أسباب اجتماعية ترجع إلى التفاخر والعجب والكفاءة على أسباب دنيوية، وأسباب نفسية خلقتها صورة خيالية عن فتاة المستقبل أو فتى لأحلام ليست موجودة على أرض الواقع . كانت أمور الزواج من أسهل ما يكون، ولكن الناس بعد ذلك، وفي عصرنا خاصة، عَسَّرُوا ما يَسَّرَ الله، وضَيَّقُوا ما وَسَّعَ الله، شَدَّدُوا على أنفسهم ولم يشدد الله عليهم، حتى رأينا العزوبة عند الشبان، والعُنوسة عند الفتيات، نرى شابًّا بلغ الثلاثين أو أكثر من عمره ولم يتزوج، ونرى فتاة بلغت الثلاثين أو أكثر ولم تتزوج، ولعلها لا تتزوج بعد ذلك، حينما يقول الناس: فاتها القطار. لم هذا كله، ما الذي حَدَثَ؟ ما دام هناك رجال ونساء، فتيان وفتيات، فلماذا لا يتزوج هؤلاء من هؤلاء؟ ما المشكلة؟ المشكلة نحن الذين خلقناها، وقد وضع الناس عقبات كثيرة في سبيل الزواج؛ فهناك عقبات مادية، وعقبات اجتماعية، وعقبات نفسية.
1- عقبات مادية:
لا يستطيع الشاب أن يتزوج إلا أن يكون صاحب مال، ومال وفير، فالشاب المتخرج الذي يَقِفُ على أول السُّلَّم، لا يستطيع أن يوفر ما يُطْلَب منه، وما يطلب منه كثير، من الذي صنع هذا الكثير؟ الشرع لم يَصْنَعه، إنه في حاجة إلى مَهْرٍ يدفعه، والناس يُغَالُون في المُهُور، ويَتَبَاهون بها، المفاخرة والمكاثرة، والرياء الاجتماعي الزائف، بنت فلان دفع إليها كذا، وهذه بَذَلَ لها كذا كَأَنَّ هذا أَصْبَحَ مقياس القيمة للإنسان، أو الدخول في الجنة، ما قيمة هذا كله؟! وفي الحديث الشريف: ("خَيْرُ الصداق أَيْسَرُه") , ألا لا تغلو صُدُق النساء، فإنها لو كانت مَكْرُمَة في الدنيا، أو تقوى عند الله، لكان أولاكم بها النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ما أصدق رسول الله امرأة من نسائه، ولا أصدق امرأة من بناته أكثر من اثنتي عشرة و لم يُزَوج النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ بناته على شيء كثير، فاطمة بنت محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ سيدة نساء العالمين، تزوجت على ماذا؟ على دِرْع قَدَّمَها إليها علي بن أبي طالب! وماذا تَصْنَع فاطمة الزهراء بالدِّرْع؟! هل تُحَارِب به؟ إنه شَيْء رمزي.  لم يَكُنْ الناس يتباهَون بما يتباهى به النساء الآن، لم هذا؟ وليت الأمر يَقِف عند المهر وغَلائِه إنه في حاجة إلى هدايا، في حاجة إلى ذهب يقدمه. بعض البلاد هناك (شَبْكَة) أو (تلبيسة)، وبعض البلاد هناك ذهب... مَصوغات تُقَدَّم، مُعْظَمها أشياء لا تُلْبَس؛ لأنها بأحجام كبيرة، وأوزان ثقيلة، وأشكال قديمة، لا تلائم ذوق هذا العصر، حتى إنه قد كثرت علي الأسئلة عن هذا الحُلِي:  هي يُزَكَّي أو لا يزكي؟؛ لأن المرأة لا تَلْبَسُه إلا للتباهي فقط، هو شيء لا يُلْبَس، ولكن تتباهى بأن عندها الشيء الكثير قُدِّمَ لها في عُرْسِها، لم هذا ؟ لماذا نضيق على أنفسنا ونشدد. الأحفال والولائم التي تقام للعرس، وقبل العرس، وبعد العرس، وتذبح فيها الذبائح، ويؤكل قليلها، ويُلقى في سَلَّاتِ المهملات و(الدرامات) كثيرها، وبلاد أخرى تَتَضَوَّر من الجوع فلا تَجِدُ اللقمة لم هذا؟ شَدَّدَ الناس على أنفسهم، تراهم يقيمون حفلاً للخِطبة، وحفلًا لعقد القران، وحفلاً للزفاف، ما هذا كله يا عباد الله؟! ثم بعد ذلك يأتي البيت، وتأثيث البيت، لابد من أن يَكُون هناك شَقَّة مفروشة بأحدث الأثاث، أو (فيلا)، أو ما شابه ذلك. ثم بدعة جديدة اخترعها الناس بعد الزواج، ما سَمَّوْه (شهر العسل) والسفر إلى الخارج لقضاء شهر العسل! تكاليف جديدة أضافها الناس، هي في النهاية آصار وأغلال في أعناقهم، وعقبات في طريقهم.كل هذا يعقد الأمور، ويزيد من صعوبتها، وما طلب الله منا ذلك، ولا كلفنا الشرع ذلك، نحن الذين شددنا على أنفسنا؛ ولهذا ينتظر الشاب حتى يُمْكِنُه أن يوفر ما يطلب منه، وربما اسْتَدَان، والدَّيْنُ هَمٌّ بالليل، ومَذَلَّةٌ بالنهار،أو ربما ذهب إلى البنك يستقرض منه الربا فيَأْذَن من أول زواجه بِحَرْب من الله ورسوله، لِمَ هذا؟ عقبات نحن الذين أنشأناها ووضعناها، عقبات مادية لا معنى لها.
2- عقبات اجتماعية:
هناك اعتبارات عند كثير من الناس... يَتَقَدَّم إليهم الشاب فيرفضونه، لم هذا؟ هذا؛ لأنه من أُسْرَة دون أسرة، أو طبقة دون الطبقة، أو كذا وكذا، معايير ما أنزل الله بها من سلطان.إن لكل عصر معاييره، هناك من الفقهاء من قال بالكفاءة في النسب والحسب والحرفة وغير ذلك، ولكن هناك من رفض هذا كله وقال: (... إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقَاكُمْ...) (الحجرات: 13)، المقياس هو الدين والخلق، والنبي ـ صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا أتاكم من تَرْضَوْنَ خُلُقه ودِينَه فزوجوه، إلا تفعلوا، تَكُنْ فتنة في الأرض وفساد عريض بالصحة." وكانوا يقولون: (إذا زوجت ابنتك فزوجها ذا دين، إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها لم يظلمها)؛ لأنه يَخُاف الله فيها، فهو يُعَاشِرُهَا بمعروف أو يُسَرِّحُهَا بإحسان، ولا ينسى الفضل فيما سَبَقَ. هذا هو الإنسان المؤمن، هذا هو الذي ينبغي أن يُحْرَص عليه .
والذين قالوا بالكفاءة من الفقهاء، قالوا: إن العالِم كُفْءٌ لبنت السلطان؛ لأن العلم يرفع صاحبه، ويُعْلِي من قدره؛ لأنه إذا وقف الأمر عند الحسب والنسب، معنى هذا أننا أصبحنا طبقات كطبقات الهنود، لا يستطيع أحد أن يرتقي من طبقة إلى طبقة والإسلام يرفض ذلك. ينبغي أن نُعِيدَ النظر في معاييرنا، فالمُهِمُّ هو سعادة بناتنا وأبنائنا لا يجوز أن نتحجر على مقاييس قديمة، فالزمن يتغير، والحياة تتطور، والأنظار تختلف، والله ـ تعالى ـ يقول: (وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ) (أي زوجوهم) (وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) (النور: 32).
لابد لنا من هذه النظرة، حتى لا تقف هذه المعايير أحجار عَثْرَة في سبيل حياة سعيدة لأبنائنا وبناتنا.
2- عوامل نفسية :
فهناك عوامل نفسية عند بعض الفتيان، فهو يضع أمام عينيه مثالاً يُحَلِّق في خياله، يرسم امرأة مثالية يريدها زوجة له، موصوفة بكل جمال وكمال، وهذا لا يوجد في واقع الحياة.
الحياة قَلَّمَا نَجِد فيها الكمال المطلق، فامرأة عندها الجمال، وأخرى عندها المال، وأخرى عندها النسب، أَمَّا أن يوجد فيها كل شيء، فَقَلَّمَا يجتمع فيها هذا. ولذلك أوصانا النبي ـ صلى الله عليه واله وسلم ـ فقال: "تُنْكَح المرأة لأربع: لِمَالها؛ ولِحَسَبها، ولجمالها؛ ولدينها؛ فاظفر بذات الدين تَرِبَتْ يداك" "
     وكثير من الذين يُحَلّقون وراء هذه الأحلام والمثاليات، قَلَّمَا يُحقِّقون ما يَنْشُدون. هذا هو ديننا، ديننا الذي جاء بالتيسير، فما لنا نَلْجَأ إلى التعسير؟ ديننا جاء بالتوسع، فلماذا نلجأ إلى التضييق؟ ديننا خَفَّفَ عنا فلماذا نُشَدِّد على أنفسنا؟
     علينا أن نُدْرِكَ هذا، ونُعَلِّمَ أبنائنا وبناتنا هذا، حتى نَحُلَّ تلك العقدة، حتى يتزوج الشبان والشابات، بدل أن يلجأ الشباب إلى طرق تعرفونها، يَجِدُون الحرام فيها مُيَسَّرًا هنا وهنالك، أو بدل أن يلجأ إلى الزواج من أجنبية، ويَدَع ابنة بلده، وأقرب الناس إليه.
هذا هو الإسلام، فإذا أردنا الخير كل الخير، والسعادة كل السعادة، فلابد أن نرجع إلى هذا الدين، ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.
نسأل الله ـ عز وجل ـ أن يُوَفِّقنا إلى ما يُحِبُّ ويَرْضَى، وأن يُعَلِّمُنَا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، إنه سميع قريب

رياض الامين

نيسان 2015

السبت، 14 مارس 2015

يعتقد البعض من رجال القانون - ولا اعرف كيف بنى اعتقاده وعلى ماذا اسسه - ان لا تلازم ولا ربط بي السياسة وبين القانون فتراه حين تساله عن السياسة يجيبك : اني رجل قانون لاشان لي بالسياسة ! ونحن نحترم رايه وهذا من خصوصياته لكن الذي نراه - وبراي متواضع - رغم احترامنا لرايه لكنه ليس بالضرورة ان يكون صحيحا . 
نحن نعرف ان في السياسة لايوجد خط مستقيم  وقد تجد فيها اللون الرمادي او قل كل الالوان الناتجة عن اللونين الاسود والابيض ! وهذا يغاير الموجود في القانون الذي ليس فيه سوى الاسود والابيض ( والمقصود معروف لذوي الالباب) 
لو قمنا بالبحث عن العلاقة بين القانون والسياسة لوجدنا ذلك واضحا وضوح الشمس ونحن لا نريد ان نلبس القانون ثوبا سياسيا عنوة ولا العكس اذ سيكون ذلك على سبيل لزوم مالايلزم والمقصود في السياسة في حديثنا هذا هو السياسة التي تعني رعاية شؤون الدولة الداخلية والخارجية، وتعرف إجرائيا بأنها دراسة السلطة التي تحدد من يحصل على ماذا ومتى وكيف. أي دراسة تقسيم الموارد في المجتمع عن طريق السلطة . وعرفها الشيوعيون بانها دراسة العلاقات بين الطبقات، وعرف الواقعيون السياسة بأنها فن الممكن أي دراسة وتغيير الواقع السياسي موضوعيا وليس الخطأ الشائع وهو أن فن الممكن هو الخضوع للواقع السياسي وعدم تغييره بناء على حسابات القوة والمصلحة.
وتعبر السياسة عن عملية صنع قرارت ملزمة لكل المجتمع تتناول قيم مادية ومعنوية وترمز لمطالب وضغوط وتتم عن طريق تحقيق أهداف ضمن خطط أفراد وجماعات ومؤسسات ونخب حسب أيدولوجيا معينة على مستوى محلي أو إقليمي أو دولي. والسياسة هي علاقة بين حاكم ومحكوم وهي السلطة الأعلى في المجتمعات الإنسانية، حيث السلطة السياسية تعني القدرة على جعل المحكوم يعمل أو لا يعمل أشياء سواء أراد أو لم يرد. وتمتاز بأنها عامة وتحتكر وسائل الإكراه كالجيش والشرطة وتحظى بالشرعية فلو امعنا النظر فيما تقدم نجد ان القانون له دور كبير وواضح في تسيير ماتقدم  ولايمكن الفصل بينهما اذ ان اجتماعهما في بودقة واحدة انر وجوبي  تحقق الدولة بذلك اهدافها ومصالحها في السير قدما نحو تكوين علاقاتها بين الافراد اولا ثم بين اقرانها من الدول لذا والحال  هذه لايمكن فصل القانون  عن السياسة مهما كانت الاعذار وما محاولة فصلهما الاهروبا من قبل رجال القانون عن وجوب تحمل مسؤولياتهم باعذار واهية وحين تساله يجيبك ( وكم من اجابة لاقيمة لها) يجيبك : (انا رجل قانون ولست سياسيا)  واكرر انها محاولة ذكية او (،،،،،،،،،،) للهروب 


رياض الامين 
اذار / ٢٠١٥  

الاثنين، 19 يناير 2015

الاثاث الزوجية بين التنازل والمطالبة 
يجهل الكثير من العامة مصادر الاثاث الزوجية للزوجه وعلى جهله هذا يبني بالكيف ماذا يكون من ملكية  للزوجه وماذا لم يكن حتى بدأ الخلط عنده بين مايبقى لها ومالا يبقى عند المطالبة بها او التنازل عنه في الطلاق الخلعي 
اخوتي واخواتي ،،، نحن نعلم علم اليقين ان للزوجه مهرا واحدا  ينقسم الى جزأين احدهما معجل والاخر مؤجل ويخلط الكثير ويخطيء اذ يجهل فيسميه مهرين فيقول ( تم العقد على المهرين) وهذا مصطلح لا يخلو من مأساة في هذا الوصف اذ حمله البعض اكثر من معناه في التفسير واطلاق المصطلح الخاطئ ، عليه فللزوجة مهر واحد كما قلنا ففي الجزء الاول منه ( المعجل) يقوم الزوج او الزوجة حسب الاتفاق ببناء دار الزوجية من الحاجات العينية وتهيئة مستلزماتها واحيانا يضاف ويخرج عن ذلك امور اخرى قد تكون محسوبة على الهدايا اثناء الخطبة وهذا يبقى حقا قائما للزوجة تتصرف فيه كيفما تشاء اذ يضاف الى اثاثها الزوجية ويضاف لذلك ماتحصل عليه الزوجة من هدايا شخصية لها بسبب الزواج من الاهل والاصدقاء او خارجة عن سبب الزواج ويضاف لذلك ماتحصل عليه الزوجة ايضا من كسبها الخاص لذا وعلى هذا فقد اصبحت مصادر حق الزوجة في الاثاث وما احتوت دارها الزوجية بالامور التاليه : 
١- الهدايا المقدمة من الزوج او من غيره في فترة الخطبة او الزواج 
٢ - ما كان عينا او نقدا مما هياه الزوج من مال من معجل مهرها 
٤- ما هياه الزوج من اثاث بيتية واباح لها استعماله 
٥- ماحصلت عليه الزوجه من امور عينية او ماليه من كسبها الخاص 
ولا يشترط ان تكون تلك الاثاث قد احتفظت بها الزوجة في دار الزوجية حصرا فحالة الغصب تكون متحققة وان كانت تلك الاثاث او الاموال محفوظة في مكان اخر 
ويشترط ان يكون الغاصب هو الزوج حصرا اذ لايجوز ان يكون شخصا اخرا من العائلة كاب الزوج او امه مثلا تحت وصف الغصب  
ولا يشترط ان تكون حالة الغصب قد تحققت اثناء قيام الزوجية ، فقد تكون تلك الحالة تالية لقيام الانفصال اذ ان الاثاث تبقى دينا بالذمة 
ويعتقد البعض لجهله ذلك ان تنازل الزوجة عن اثاثها الزوجية باطلاق ذلك يشمل كافة ماتقدم استنادا لقاعدة ( المطلق يجري على اطلاقه)  وهذا لا يجوز اذ ان الحكم العادل لقضاء المحكمة المختصة  اثناء نظر دعوى الطلاق الخلعي يقتضي تبيان مفردات المواد المتنازل عنها فقد لاتكون الزوجة قد تنازلت عما حصلت عليه من اموال نقدية اوعينية الا ماكان بسبب الزواج من زوجها فقط واستثنت بذلك ماحصلت عليه من الاهل والاقارب كما ان حصولها على مخشلات ذهبية بسبب ارث ورثته لا يعتبر وعاء التنازل فهل من العدل اعتبار هذه المخشلات اثاثا زوجية وشمولها بالتنازل ؟
ويعتقد البعض ايضا ان التنازل وهو شراء الزوجة نفسها يكون محصورا باسقاط الزوجة حقا معينا مقابل قيام الزوج بطلاقها بل قد يكون ان تدفع لها مالا معينا لقاء قيامه بذلك  
اذن والحالة هذه ينبغي على محكمة الموضوع التي تنظر في دعوى الاثاث الزوجية ان ترجع الى دعوى الطلاق الذي تم بموجبها التنازل لمعرفة مفردات الاثاث المتنازل عنها ولايمكن اخذها جملة مالم يتم ذكرها بشكل مفردا وهذا ينبغي على المحكمة التي تنظر دعوى الطلاق ان تدون ذلك تفصيلا قبل الحكم كي لا تسبب اي اشكال للمحاكم التي ستليها في الحكم بالاثاث اذن فليس كل تنازل عن الاثاث الزوجيه تشمل فيه المخشلات فهناك الكثير من الزوجات يحصلن على تلك المخشلات خارجا عما هيأه لهن الازواج  اذ قد يكون حقا لاحقا لها كسبته بعد حين لذا فمن دواعي العدل والانصاف ان تذكر مفردات المواد المتنازل عنها فقرة بعد اخرى بوصفها الدقيق    
كما لا يمكن ان نصف حالة غصب اثاث الزوجة بوصف العنصر الجزائي رغم ان ركن الجريمة متحقق في الغصب ذلك ان محكمة الاحوال الشخصية هي صاحبة الاختصاص في نظر الدعوى بعد ان كانت محكمة البداءة هي المختصة / رياض الامين 

السبت، 17 يناير 2015

 أنّ المسؤولية الجزائية تمحى محواً تاماً بالنسبة إلى من كان في حالة سكر اضطراري (السكر الذي يؤول إلى إفقاد الوعي أو الإرادة أو كليهما) ويعفى من كلّ عقاب. وينبغي أن يكون فقد الوعي أو الإرادة وحرية الاختيار تاماً في حالة السكر الاضطراري. فلا مجال لتطبيق نصّ هذه الفقرة ما لم يبلغ تأثير السكر الناشئ عن تناول الكحول أو المخدرات في صاحبه درجة انعدام الوعي أو الإرادة انعداماً تاماً. ويجب أن يكون فقد الوعي والتمييز أو فقد حرية الاختيار معاصراً ومرافقاً زمنياً لوقت ارتكاب الفعل المكون للجريمة.
أمّا إذا أضعفت حالة التسمم الناتجة عن قوة قاهرة أو حدث طارئ قوة وعي الفاعل أو إرادته إلى حد بعيد، أمكن إبدال العقوبة أو تخفيضها.

رياض الامين 
 

الثلاثاء، 6 يناير 2015

الاثاث الزوجيه


الاثاث الزوجيه
ان موضوع النزاع في ملكية أثاث بيت الزوجية من المواضيع التي أخذت حيزاً كبيراً في أروقة القضاء، حيث توجد هناك العديد من الدعاوى تقام يومياً في المحاكم وحتى مع قيام الرابطة الزوجية، حول هذه المسألة، وكان من الواجب ان نسلط الضوء على ماهية هذا النوع من الملكية وماهية هذا الاثاث وما هو مصدر تملكها عندما تصبح دعوى معروفة امام القضاء والى من تعود الى الزوجة أم الزوج .
لو راجعنا قانون الاحوال الشخصية العراقي النافذ لانجد نصاً واضحاً يتناول هذا الموضوع، لكن بالرجوع الى نص (المادة الاولى – ف 2)من قانون الاحوال الشخصية، و(المادة الاولى – ف 2)، من القانون المدني العراقي النافذ، واللتين توجبان على القضاة الرجوع الى احكام الفقه الاسلامي بمذاهبه المختلفة دون التقيد بمذهب معين، استناداً الى النصين الآنفي الذكر، فيأخذ القاضي آراء الفقهاء في المذهب الذي يلائم نصوص القوانين وعرف البلاد.
والى وقت ليس بالبعيد، كانت دعاوى الاثاث تقام امام محاكم البداءة، ولكن حصل تحول قانوني وتكييف جديد لمحكمة التمييز، واصبحت الدعوى تقام امام محاكم الاحوال الشخصية.
الملكيّة في القانون المدني
عرفت المادة (1048) من القانون المدني حق الملكية او الملك بـ «الملك التام الذي من شأنه أن يتصرف به المالك تصرفاً مطلقاً، و يملكه عيناً ومنفعة واستغلالاً، فينتفع بالعين المملوكة وبقلتها وثمارها ونتاجها، ويتصرف في عينتها جميع التصرفات الجائزة».
ومن خلال استقراء قرارات القضاء العراقي، نجد انه يفترض ملكية الزوجة لجميع أثاث الزوجية، ونجد ذلك في قرارات محكمة التمييز. ثم نجد أن للعقد والحيازة، كاسباب لكسب الملكية، اهمية واضحة لهذا الاتجاه، حيث يُعد العقد من أهم اسباب كسب الملكية في حالة نشوب نزاع بين الزوجين حول ملكية ثاث الزوجية، فيجب هنا على أحد الزوجين ان يثبت سبب تملكه للأثاث بأنه هل كان بناءً على عقد، كالهبة والبيع وغيرها من العقود، كما ان عقد الزواج بحد ذاته، اضافة للعقود الاخرى، يعد ناقلاً للملكية، فيترتب عليه تملك الزوجة للمهر، وربما يكون المهر نقداً او أشياء عينية، كالأثاث المنزلي، كما ان الأثاث والمستلزمات البيتية، التي يضعها الزوج تحت تصرف الزوجة، تُعد هبة لها، حيث أن الهبة من العقود الناقلة للملكية. أما الحيازة، فقد عرفتها المادة (1145 - فقرة1) من القانون المدني هي«وضع مادي به يسيطر الشخص بنفسه او بالواسطة، سيطرة فعلية على شيء يجوز التعامل فيه او يستعمل بالفعل حقاً من الحقوق).
فلكي تعد الحيازة سبباً من اسباب كسب الملكية، يجب ان يتوافر فيها مجموعة من الشروط او العناصر.
1- العنصر المادي: وهو ان يمارس الحائز على الشيء اعمالاً مادية تطابق ما يدّعي من أحقيته العينية على الشيء من حيث الاستعمال واستثمار غلته وتغيير مكانه وغيرها من الاعمال المادية التي يمارسها الشخص على ملكه
2- العنصر المعنوي/ وهو نية الحائز التي يجب ان تنصرف في الظهور بمظهر صاحب الحق على الشيء.
كذلك يجب ان لا تشتمل على عيوب تخدش سلامة الحيازة كالاكراه والخفاء واللبس او الغموض.
فإذا انتفت هذه العيوب وتحققت تلك الاركان او العناصر اصبحت الحيازة سبباً من اسباب كسب الملكية. هناك ثلاثة مصطلحات ذكرت في الفقه الاسلامي وكذلك في القانون بخصوص الاثاث وهي تختلف فيما بينها وهي كلمة(جهاز) و (اثاث) و (متاع). فالمتاع أعم من الاثاث والاثاث اعم من الجهاز فالمقصود بالمتاع بمعناه العام هو كل ما يتمتع وينتفع به فيشمل جميع نعم الله تعالى التي لا تعد ولا تحصى ومنها التمتع بالحيوانات والاموال والادوات وغيرها.
اما الاثاث او متاع البيت فهو اسم لجميع ادوات وأواني الدار كالفراش والبسط والارائك والاجهزة الكهربائية المختلفة وغيرها من ادوات المنزل.

القاضي رياض الامين