الجمعة، 31 يوليو 2015


الجانب القانوني للخيانة الزوجية

إن مشكلة الخيانة الزوجية من أبرز المشاكل التي تواجه أي مجتمع على مستوى العلاقات الشخصية..
والخيانة الزوجية تتأرجح اختلافاً بين الشرع والقانون من حيث أركان ثبوتها وعقوبتها، وإن كانا متفقين على تعريفها فالجناية هي اقتراف جريمة الزنا التي تعني كل اتصال جنسي أو معاشرة جنسية بين شخص متزوج وشخص آخر أياً كان هذا الشخص، وأياً كان نوع هذا الاتصال الجنسي، فالقانون يجرمه ويوقعه تحت طائلة قانون العقوبات، والقانون يشترط لاكتمال أركان جريمة الزنا أن يتم ضبطها في حالة تلبس أو اعتراف أو ثبوت من واقع شهادة الشهود والمعاينة والفحص والتحليل في حالة عدم التلبس، أو الاعتراف، أما إذا لم يحدث ضبط تلبس بالجريمة ولم يعترف المتهم أو المتهمة، وسقط أحد أركان دعوى الزنا فلا يكون هناك جريمة قانوناً يحاسب عليها الجاني قانوناً.
كما يستطيع الزوج أو الزوجة المجني عليه أو عليها، أن يتنازل عن حقه في مقاضاة الطرف الجاني حفاظاً على الأولاد والسمعة والشرف ودرءاً للفضائح، بشرط أن تستأنف الحياة الزوجية بينهما مرة أخرى، سواء أتم هذا التنازل في بداية إجراءات التقاضي أم أثناء السير في إجراءات دعوى الزنا، كما يستطيع الطرف المجني عليه أن يرفع العقوبة على الطرف الجاني حتى ولو صدر حكم نهائي في الدعوى إذا قدم ما يثبت قيامهما بالمصالحة بالشرط السابق ذكره وهو استئناف الحياة الزوجية فيما بينهما..
وواقع الأمور، والقضايا يثبت أن الزوج هو بالطبع الأكثر خيانة من الزوجة، بحكم العادات والتقاليد والأعراف التي تحد من حجم الحرية الممنوحة للمرأة الشرقية العربية التي بحكم طبيعتها تكون الخيانة هي آخر ما يمكن أن تفكر فيه كزوجة وذلك كقاعدة عامة ولكل قاعدة شواذها كما نعرف.
وبرغم مشروعية الجمع بين زوجتين أو أكثر في الشريعة الإسلامية السمحاء، إلا أنه عند غياب الوازع الديني نجد أن الكثير من الأزواج يكتفي بواحدة، ويتصل جنسياً بمن يشاء من بائعات الهوى حينما يرغب في ذلك، أو يتخذ له صديقة أو رفيقة معينة.
 
ومن المفارقات والأحكام العجيبة الموافقة لشرع البشر وأهوائهم أنه وحسب القانون الفرنسي يحق للزوج أن يقتل زوجته ومن معها حال ضبطه إياها متلبسة بارتكاب جريمة الزنا، وتخفف عقوبته من السجن المؤبد إلى السجن لمدة ثلاثة سنوات كحد أقصى، أما إذا حدث العكس وضبطت الزوجة زوجها متلبساً بارتكاب جريمة الزنا ولو في فراشها وقتلته فإنها تعاقب كما لو كانت قد ارتكبت جريمة القتل العمد لأي سبب من الأسباب، ودون أي تخفيف أو تقدير للسبب الداعي للقتل..
 
الشك والتحقيق والتثبيت
وفي بعض الأحوال قد تكتمل أركان جريمة الزنا في غير حالة التلبس، وتكون الأدلة دامغة ومحكمة بشكل لا يثير الشك في كون الجريمة قد ارتكبت بالفعل، لكنها تثير ريبة القاضي وعدم اطمئنانه وتجعله يستشعر أن المتهمة بريئة، فيما لو كانت هي الطرف الجاني- وأن تلك الجريمة لم ترتكب من الأساس.
فإذا اتهم الزوج زوجته باقتراف جريمة الزنا ولم يضبطها متلبسة ولم تعترف، أو حتى لو اعترفت، فلكي لا يكون هناك مجال في كون هذا الاعتراف وقع تحت ضغط أو إكراه، تفحص الزوجة ويؤخذ منها عينة فإذا وجدت حيوانات منوية داخل رحمها غير الخاصة بزوجها اعتبر هذا دليلاً على ارتكابها لجريمة الزنا وكأنها حالة تلبس وإلا فمن أين جاءت؟
أما إذا ثبت الفحص خلو رحمها من أي سوائل أو حيوانات منوية تخص شخصاً آخر غير زوجها، كان هذا دليلاً على براءة الزوجة من تهمة الزنا حتى وإن وُجدت آثار منوية على ملابسها من الخارج، فأي شخص يمكنه إلقاء سائل منوي على الملابس الخارجية دون أن تشعر الزوجة أو المرأة، وبالتالي يحتمل أن يكون هناك من يريد الكيد لها.
 إذن فلكي تكتمل أركان قضية كالخيانة لابد وأن لا يكون هناك أي شائبة يحتمل معها إيقاع الظلم بأحد بواسطة التحليل الطبي الدقيق، إلا أن الرجل أيضاً في حالة توجيه تهمة الزنا إليه يخضع لفحص طبي وتسحب عينة منه يتبين منها بواسطة الفحص ما إذا كان قد مارس عملية اتصال جنسي منذ وقت قريب أم لا.
وكما سبق القول فإن القاضي إذا شك ولو بمقدار ذرة في صحة شيء ما في القضية ولم يطمئن فإنه يطبق فوراً قاعدة ( الشك يفسر لصالح المتهم)، ويحكم فوراً بالبراءة، فليس هناك وسطية في قضايا الزنا، فإما الجاني زانٍ وإما هو ليس زانياً، ويكون الحكم في تلك الحالة استرشاداً بروح القانون وليس بنصه الجامد.

الآثار القانونية للخيانة الزوجية :
أما بالنسبة للأثر القانوني لخيانة الزوجة لزوجها، فيتمثل في سقوط حقها في المتعة وبقية حقوقها كمؤخر الصداق وغيره فقط، وبالنسبة لأولادها يسقط حق حضانتها لهم إذا كانوا في سن التمييز بين الخطأ والصواب، ولا تحتفظ إلا بالطفل الذي هو دون العامين والذي لا يستغني عن خدمة النساء في الطعام والنظافة، ولا يستطيع تمييز ما تفعله أمه.
أما الزوج الزاني الذي تثبت عليه جريمة الزنا، فتستطيع الزوجة رفع دعوى طلب الطلاق منه للضرر، فليس هناك أشد ضرراً للزوجة من الخيانة، وفي تلك الحالة تستحق نفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر صداقها، وكذلك تعويضاً عما أصابها من الضرر المعنوي

رياض الامين 

الخميس، 23 يوليو 2015

من مقالاتنا في مجلة العترة 

العانس بين الالم والامل 
--------------------

ان  زواج المرأة من أنفع الأمور التي تصلح بها حياة المرأة المسلمة وتتال السعادة في الدارين وتتحقق لها من خلاله مصالح متعددة من إعفاف وسكن واستقرار وولد وأنس وغنى وغيرها. قال تعالى: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ).

ولكن قد لا توفق المرأة للزواج ولا يأتيها الحظ في هذا الشأن لأسباب كثيرة خاصة تتعلق بها أو عامة من دينية واقتصادية واجتماعية ووظيفية ، وتفصيل هذا يطول ليس هذا محله وقد كتب كثيرا في هذا المجال.

وإذا أصبحت المرأة عانسا لأمر ما وفاتها قطار الزواج كما يقال فإنها غالبا تعيش في هم ونكد وحزن وعذاب نفسي وشبح يطاردها ويتجدد هذا الحزن والأسى كلما تعرضت لموقف أو مشهد يلامس عواطفها ويحرك رغباتها الفطرية أو تعرضت لنقد وكلام يجرح مشاعرها أو يقلل من شأنها. وإذا استمر معها هذا الشعور والإحساس المجروح قد يسبب لها أزمات وأمراضا نفسية وربما أوقعها في الانحراف والرذيلة إذا وافق ذلك أسرة مفككة ومعاملة قاسية وحرمانا عاطفيا. 

إنه لا مخرج للعانس من هذه الدوامة بعد إذن الله وتوفيقه إلا بالوعي والثقافة الصحيحة المستندة على المفاهيم الدينية الصحيحة وقواعد التربية السليمة والتجارب الناجحة.

ينبغي على العانس أن تتفهم المرحلة التي تمر بها وتوطن نفسها على الصبر على ذلك وتمعن النظر والتأمل في الأمور الآتية التي تسليها وتهون مصابها:
أولا: أن تعلم أن عدم توفيقها للزواج أمر كتبه الله عليها والواجب عليها أن ترضى وتسلم بما كتبه الله عليها وتفوض أمرها لله فإن فعلت اطمأنت وسكنت نفسها. قال تعالى: (مآ أَصَابَ مِن مّصِيبَةٍ إِلاّ بِإِذْنِ اللّهِ وَمَن يُؤْمِن بِاللّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ). قال علقمة: (هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلم).
ثانيا: ولتعلم أيضا أن الله قدر ذلك لها لحكمة عظيمة قد تخفى عليها فالله لا يقضي أمرا شرا أو خيرا إلا لحكمة فالأقدار كلها قدرت لتحصيل مصلحة راجحة أو درء مفسدة راجحة ليست عبثا. ولم يقدر الله قدرا شرا محضا بل يكون فيه خير من جانب آخر.
ثالثا: ولتعلم أنه قد يكون عدم الزواج بالنسبة لها أفضل وأحسن حالا من الزواج فصرفه الله عنها دفعا لما أعظم من الشرور فقد يكون زواجها فتنة عليها وبلاء يعرضها للعقوبة العاجلة أو الآجلة.
رابعا: أن تدرك أن عدم توفيقها للزواج ليس نهابة الحياة بالنسبة لها وليست السعادة محصورة في هذه الحال بل السعادة لها أسباب كثيرة حسية ومعنوية إذا حصلتها سعدت بها ومن أعظمها الإيمان والعمل الصالح. فال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). قال ابن عباس: (هي السعادة).
خامسا: أن توقن أنه إذ كان الله قد منعها هذه النعمة الطيبة فقد رزقها نعما أخرى كثيرة منها الصحة والعافية والهداية والمال ولا يحصيها إلا الله. قال تعالى: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا). قال أبوالدرداء: (من لم ير نعمة الله عليه إلا في مطعمه ومشربه فقد قل علمه وحضر عذابه).
سادسا: أن تدرك أن هذه الحال التي ظاهرها الحزن والحرمان تتجلى فيها منحة وهي التفرغ وعدم الانشغال والالتزام بأعباء الزوج والعيال فإذا وظفتها وشغلتها بالخير كانت نعمة جليلة وغبطة لها.
سابعا: أن تعلم أن ما يصيبها من هم وحزن وألم من جراء ذلك هو خير تؤجر عليه وتكفر خطاياها وترفع منزلتها وهذا يهون عليها. قال رسول صلى الله عليه وسلم: (عجبا لأمر المؤمن لا يقضي الله له قضاء إلا كان خيرا له: إن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر فكان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن). رواه مسلم.
ثامنا: ينبغي على العانس أن تشغل وقتها بالأعمال الناجحة والبرامج المفيدة مما يعود على إصلاح دينها ودنياها. إن شغل الوقت بالعمل المتجدد الدؤوب المعطاء الذي له أثر حسن على تسلية العانس وسلوها عن فقد الزواج والأولاد.
تاسعا: ينبغي لها أن تحسن التوكل على الله وتعتمد عليه حق الاعتماد وتحسن الظن بربها وتلتجئ إليه في كشف همها وتنفيس كربها بالصلاة والدعاء والذكر وحفظ الجوارح وتكون متفائلة بحصول الخير منه ومن اتصل بالله وأنزل همه به أصلح حاله ولم يضيعه. 

إن أعظم ما يسعد العانس ويدخل على قلبها السرور بذل الجهد في سبيل إسعاد الآخرين من المحرومين والفقراء والمساكين والأيتام واللقطاء فإن قلبها يسعد وينشرح إذا رأت الفرحة في وجوه الآخرين وتشعر حينها أن لها دورا عظيما في الحياة وأن لها قيمة في المجتمع.

إن عدم انشغال العانس يأمر ذي بال ووقوعها في الفراغ له أثر سيئ في جلب الأحزان والهموم وتمكن الشيطان من قلبها وفتح عليها باب الندم والألم بسبب فقدها الزواج فتصبح نهبا للوساوس والأفكار السيئة وقد يحملها ذلك على طلب المتعة عن طريق العلاقات المحرمة.

إن على العانس أن تملأ حياتها وتوجه طاقتها من عاطفة وفكر واهتمام ومشاعر في أمور نافعة تجد نفسها فيه من اشتغال بطلب العلم والثقافة ومشاركة في الدعوة إلى الله ومشاريع تطوعية إنسانية وهوايات مبدعة مفيدة وغير ذلك مما تستفرغ فيه جهدها وتشغل بالها. أما بقاؤها عاطلة وشعورها بالوحدة وتفاعلها واستجابتها لحاجاتها الفطرية يوقعها في الاكتئاب والاضطرابات النفسية.

إن أخطر أمر على العانس يجعل حياتها جحيما وعذابا ملازما استحضار حالة العنوسة في فكرها وأن تلوم نفسها وتنتقد تصرفاتها على سبيل الدوام واعتقادها أنها هي السبب الوحيد في عدم توفيقها في أمر الزواج. فجلد الذات وممارسة اللوم والعقاب المستمر وتحميل المجتمع المسؤولية والحقد عليه يجعلها تعيش حالة اليأس والحزن السلبي الذي يترتب عليه مفاسد وشرور. ولو تأملت وتفكرت أن العنوسة التي حلت بها لا تخلو من حالتين: 
1- أن لا يكون لها علاقة مباشرة وتدخل وإنما انصرف عنها الأزواج لأمر لا تملك فيه خيار ولا قرار بل هي موانع أوجدها الله فيها وفي ظروفها من عاهة أو نقص أو تعسر حال أو عضل ولي ليس في مقدورها تجاوزها. ففي مثل هذه الحالة لا يليق بها أبدا أن تلوم نفسها لأنها لم تسبب في ذلك.
2- أن يكون ما حل بها بسبب منها مباشر وتدخل فقد كانت ترفض الأزواج وتتعنت في الشروط وتتشدد في الأوصاف والمؤهلات فانصرف الأزواج عنها. فهذه الحالة أيضا لا يحسن بها أن تلوم نفسها لأنه خطأ فات وانقضى وأصبح في عداد الزمن الماضي ولا يليق بالمؤمن أن يعاتب نفسه ويعاقبها على أمر فات لا يملك استدراكه بل هو باب يلج منه الشيطان ليحزنه ويصرفه عن الخير وقد قال الله تعالى في توجيه المؤمنين: (لِكَيْ لا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ). قال عكرمة: (ليس أحد إلا وهو يفرح ويحزن، ولكن اجعلوا الفرح شكرا والحزن صبرا). فالمشروع لها أن تتجاوز هذه المرحلة وتنسى وتتناسى وتعيش حاضرها وتتطلع للمستقبل المشرق بإذن الله.

ينبغي على العانس أن لا تيأس من حصول الخير ونزول الرحمة فيما يأتي من حياتها فلا تيأس من روح الله ولا تغلق باب التفاؤل ، وأن تكون متعقلة واعية واقعية في اتخاذ القرار إذا سنحت لها فرصة ولو كان فيها شيء من النقص ما دام أن المصلحة راجحة فإن تقدم لها رجل متزوج وهو كفء ذو دين وخلق أو رجل كبير فلتستخر وتشاور أهل الحكمة ثم تقبل به ليتسنى لها العفاف والرعاية والذرية الصالحة التي تصلها بالبر في حياتها ومماتها. وكم من امرأة عاقلة قبلت بذلك فاغتبطت وسعدت وكانت حياتها إلى الأفضل.

ويجب على مجتمعها الخاص والعام أن يتفهم وضعها الحساس والدقيق وأن يتعامل معها بكل رفق ولين ولا يحرجها في المناسبات ولا يجرح مشاعرها ولا يتعامل معها على أنها مسكينة أو محرومة محلا للرحمة والشفقة. بل عليه أن يعاملها معاملة طبيعية لا يشعرها بالدون أو يؤثر عليها المرأة المتزوجة.

ولا يحق للأسرة أن تستغل فراغها وتخصها بتكاليف أعمال المنزل وواجبات الأسرة دون مراعاة لنفسيتها وحقوقها الخاصة ومصالحها بل عليها أن تعدل في توزيع المهام بين أفرادها ولا تحملها مالا تطيق بحجة أنها بلا زوج فإن هذا لا يسوغ شرعا إلا إذا تبرعت بذلك عن طيب نفس منها.

ومن احتسب الأجر من أهلها وأحسن معاملتها وراعى حاجاتها الخاصة لا سيما حال الكبر وموت والديها وتفرغ لقضاء حوائجها وكفل لها الحماية والأمان الأسري كان له ثواب عظيم وفضل عميم لأن الغالب على العانس إذا كبرت وانقطع رجاؤها من الزواج أهملت وضاعت حالها وقل من يعتني بها. 

رياض الامين 

 

السبت، 11 يوليو 2015

شروط قطع اليد في جريمة السرقة في الشريعة الاسلامية

شروط قطع يد السارق
إن الدين الإسلامي دين واضح ولا جدال فيه، ولقد بين جميع الحدود وعقوباتها، فالقرآن الكريم بين لنا، وسنة نبينا -صلى الله عليه وسلم- وضحت وفصلت كل ما يتعلق بديننا الإسلامي . فالقرآن الكريم حرم الزنا وعقوبته الجلد، وحرم السرقة وعقوبتها قطع اليد .لذا فان عقوبة قطع يد السارق وشروط تنفيذ هذه العقوبة، تكون على الوجه الاتي ولكن يجب علينا اولا أن نعلم جيداً مفهوم السرقة وما حكمها ؟وما الشروط التي عندها تقطع يد السارق ؟.
وتعرف السرقة بأنها: أخذ لمال الغير بشكل وحجم مخصوص، بغير حق، وعلى وجه الخفية .
أما حكم السرقة: فلا يختلف عاقلان على أنها محرمة، وقد أمر الإسلام بحفظ المال، وعدم الإعتداء عليه .
وليس الإسلام فقط بل جميع الأديان السماوية أكدت على حرمة السرقة .
حكم مشروعية حد السرقة :-
لقد حفظ الله تعالى حقوق وأموال الأمة بتشريع قطع يد السارق، وفي ذلك حفظ وصون لأموال الأمة . قال تعالى : {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39)} [المائدة/38- 39].
  • شروط قطع يد السارق :-
1- أن يكون السارق بالغاً عاقلاً، فلا يطبق الحكم على طفل أو مجنون . 2- لا تقطع يد السارق إذا كان المسروق شئ محرم أو غير محترم، كالخمور . 3- أن يبلغ المسروق نصاباً، والنصاب هو: ربع دينار فما فوق . 4- أن يكون المسروق قد أخذ على وجه الخفية، فلا قطع في الإختلاس أو الإنتهاب . 5- أن يكون قد سرق من مكان مغلق، فلا تقطع يده إن سرق من صحراء، أو مكان مفتوح يدخله الجميع بدون إستئذان . 6- لا تقطع يد من سرق من مال والديه أو من مال ولده، وحتى بين الزوجين لا قطع . 7- لا تقطع يد السارق في وقت مجاعة أو قحط، ففي مثل هذه الأوقات يسقط الحد عنه . 8- أن تكون ثابتة السرقة على السارق بأحد الأمرين :- الأول : أن يقر ويعترف السارق مرتين . الثاني : أن يشهد عليه رجلان عادلان بأنه سرق .
هذه هي جميع الشروط التي ذكرها الفقهاء في كتبهم الفقهية، فلا يجوز قطع يد السارق إلا إذا إجتمعت كل هذه الشروط فيه . أيضا هناك طريقة لقطع يد السارق فلا تقطع كل يده، وإنما تقطع أصابعه الأربعة عدا الإبهام، وتترك راحة يده . فالإسلام لا يسعى وراء إسالة الدماء، ولكننا نعلم جميعا أن القوانين الوضعية لا تردع مجرم ولا سارق، وأيضا الإسلام يدعونا إلى التدرج في إقامة الحدود، فلا يمكن تطبيق الحدود مرةً واحدة في المجتمع، فالإسلام لا يقيم الحدود إلا بعد أن يقيم الحقوق

القاضي رياض الامين