السبت، 23 أغسطس 2014

مدى احساس الجاني بضمان وصول العدالة اليه في عقوبة الاعدام

مدى احساس الجاني بضمان وصول العدالة اليه في عقوبة الاعدام  
لا تكفي عقوبة الإعدام لنفي وظيفة الردع العام من أساسها، لأن مقدار العقوبة ونوعها ليسا هما كل
شيء في توجيه إرادة الجاني نحو إتباع أحكام التشريع العقابي، بل ث مة اعتبار آخر له قيمته البالغة من
الصعب تجاهله، وهو مدى إحساس الجاني بضمان وصول العدالة إليه، فهو يلعب في توجيه إرادته
دورًا قد يتجاوز دور العقوبة النظرية التي قد تهدده نوعًا أو مقدارًا متى كانت فرص الإفلات منها تبدو
له كثيرة ولهذا لاحظ منتسيكيو وغيره ، أن سبب الانحلال الحقيقي يكمن في إفلات الجرائم من العقاب
لا في اعتدال العقاب، فالعقوبة الخفيفة المحققة أو القوية الاحتمال قد تكون بالتالي أقل أثرًا في توجيه
إرادة الجاني – وفي تحقيق وظيفة الردع العام – من العقوبة الشديدة إذا كانت غير محققة أو ضعيفة
الاحتمال، وبالتالي فإن ظاهرة تزايد بعض الجرائم رغم تشديد العقاب لا تصلح بمفردها لنفي حرية
الاختيار، كما لا تصلح ظاهرة تناقص هذه الجرائم لإثبات هذه الحرية سوا ء أكان التناقص مصحوبًا
بتشديد العقوبة أو تخفيفها.
فهل ينبغي النظر إلى الإنسان المجرم كالإنسان المريض الذي لا ذنب له في مرضه، وبالتالي فحق
العقاب في الشرائع الحديثة ينبغي أن يكون مجرد علاج الجاني من جريمته، كما ينبغي أن يكون مجرد
رغبة الهيئة الاجتماعية في وقاية نفسها من حاملي جراثيم الأمراض الخلقية والنفسية المتنوع ة،
وعلاجهم من أمراضهم إذا أمكن ذلك؟ أو أنه تطبيقا لمبادئ العدالة و صيانة أمن و استقرار المجتمع
ينبغي المحافظة على عقوبة الإعدام، حيث يرى الفيلسوف الألماني" كانت "، أنه إذا ارتكبت جرائم قتل
في جزيرة قرر جميع أهلها تركها بصفة نهائية، فإن العدالة تقتضي قيام سكانها بتنفيذ عقوبة الإعدام
على جميع القتلة فيها قبل تركها، ذلك إرضا  ء للعدالة رغم انتهاء وجود المجتمع بترك الجزيرة، ومن
.ثم زوال ضرورة حمايته