الأحد، 5 يناير 2014

ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون

ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون
صدق الله العلي العظيم



...

القاضي
رياض محسن الامين

قوله تعالى  (ولكم في القصاص حياة يااولى الالباب ) ) أي بقاء وذلك أن القاصد للقتل إذا علم أنه إذا قتل فسوف يقتل حينئذ يمتنع عن القتل فيكون فيه بقاؤه وبقاء من هم بقتله وقيل في المثل : (القتل قلل القتل) وقيل في المثل : (القتل أنفى للقتل) وقيل معنى الحياة سلامته من قصاص الآخرة فإنه إذا اقتص منه في الدنيا فقد حيا في الآخرة وإذا لم يقتص منه في الدنيا اقتص منه في الآخرة ( يا أولي الألباب لعلكم تتقون) أي تنتهون عن القتل مخافة القود , وقد جعل المجتمع ومنه ذوي المجنى عليه ممثلا بالدولة هو من يقتص من الجاني كي يستتب الامن والاستقرار كي لا تنشأ عن هذا الاقتصاص فوضى وآثار تزيد من دائرة سيل الدماء خارج هذا نطاق الشرع والقانون والنظام العام , لذا كان هنالك قاض حين يتم النطق بحكم الاعدام يكسر قلمه الذي دون فيه الحكم ويرميه جانبا !!! اسفا على انسان قضى على نفسه بنفسه وليس على ماقضي به من حكم .
حكم الإعدام هو قتل شخص بإجراء قضائي من أجل العقاب أو الردع العام والمنع. وتعرف الجرائم التي تؤدي إلى هذه العقوبة بجرائم الإعدام أو جنايات الإعدام. وقد طبقت عقوبة الإعدام في كل المجتمعات تقريبًا، ما عدا المجتمعات التي لديها قوانين مستمدة من الدين الرسمي للدولة حيث تمنع هذه العقوبة. وتعد هذه العقوبة قضية جدلية رائجة في العديد من البلاد، ومن الممكن أن تتغاير المواقف في كل مذهب سياسي أو نطاق ثقافي. وثمة استثناء كبير بالنسبة لأوروبا حيث أن المادة الثانية من ميثاق الحقوق الأساسية للاتحاد الأوروبي يمنع تطبيق هذه العقوبة. واليوم ، ترى منظمة العفو الدولية أن معظم الدول مؤيدة لإبطال هذه العقوبة مما أتاح للأمم المتحدة أن تعطي صوتًا بتأييد صدور قرار غير ملزم لإلغاء عقوبة الإعدام. لكن أكثر من 60% من سكان العالم يعيشون في دول تطبق هذه العقوبة حيث أن الأربعة دول الأكثر سكانًا وهي جمهورية الصين الشعبية والهند والولايات المتحدة وإندونيسيا تطبق عقوبة الإعدام .
لذا فان هناك من يؤيد ايقاع هذه العقوبة من المجتمعات واخر من يناهضها ويستنكرها , وكل راي له ادلته واسانيده في ذلك وفقا لما يراه على ان لايكون ذلك من باب عاطفي .
لاشك ان عقوبة الاعدام هي اقسى انواع العقوبات واخطرها اذ لايمكن الرجوع عنها فيما لو بني الحكم على مخالفة للقانون او خطأ في تطبيقه او تاويله او اذا وقع خطأ جوهري في الاجراءات الاصولية او في تقدير الادلة او تقدير العقوبة وكان الخطأ مؤثرا في الحكم , ذلك انها ازهاق روح , وان المحكمة باعضائها ليسوا من الملائكة ولا من المعصومين من الزلل كي لايفوتهم ذلك لذا فهم خاضعون لجهات الطعن بذلك الحكم امامها لتقديره وملاحظة موافقته للقانون .
ان موضوع موافقة الحكم بالاعدام للقانون من عدمه هو ليس صلب حديثنا , في هذا المقال , حيث تخضع كافة الاحكام مهما بلغت عقوبتها من شدة او عكس ذلك لتلك الاجراءات في الطعن , لكن مايعنينا هو مدى موافقة حكم الاعدام كعقوبة لمبادئ الانسانية من عدم ذلك كما اثير مؤخرا ممن يجهلون ليس القانون فحسب بل حتى احكام الله ومبادئ العدالة ايضا وهي اولى ان يطلع عليها كل كتابي يؤمن بوجود الله كحد ادنى .
لما كنا قد اتفقنا على ان حكم الاعدام هو ازهاق روح انسان , فماذا نسمي حكم الرجم في الاسلام وهو حكم الهي , والرجم كما نعلم انه رمي شخص مدفون بعضه بالحجارة حتى الموت أي حتى القتل ! اليس القتل في الرجم هو ازهاق روح ؟ وهو صورة اخرى من الاعدام ؟ , رب قائل يقول ان تنفيذ الرجم يجب ان يكون بيد الحاكم الشرعي لا الدولة وان الاعدام بيد الدولة وشتان بين الاثنين !!! وهو لايعلم انه جعل في التمييز بين ذلك ذريعة لافلات الجاني وبالتالي تضييعا للحقوق ونشرا للفوضى وفقدانا للامن والامان واضاعة لاحكام الشريعة السمحاء في الاقتصاص من الجاني , ذلك ان حكم الاعدام عقوبة لاتفرض على من تجاوز سرعة معينة بسيارته ولا لمن اجتاز الاشارة الضوئية الحمراء ولا لمن اقترض مبلغا من المال وانكره ولا لمن سرق دارا انما جعلت هذه العقوبة لمن ازهق روحا عمدا دون وجه حق اولمن فقد حياء الانسانية التي تابى البهائم ان تفقدها كمواقعة محرم له كالام او الاخت او الابنة , او من قبيل ذلك , فافهم ايها المدافع عن الجاني بحجة حقوق الانسان انما انت تدافع عمن اضاع حق انسان في الحياة الا وهو الجاني فلاتغض النظر عن حقوق المجنى عليه رجاءا , ولاتتظاهر بالدفاع عن الانسانية التي كرمها الله قبلك ... اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم .

القاضي
رياض محسن الامين
1 / تشرين الثاني / 2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق