الأربعاء، 22 يناير 2014

بطلان التبليغ ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

بطلان التبليغ
ــــــــــــــــــــــــــــــ
     نصت المادة 27 من قانون المرافعات المدنية النافذ على ((يعتبر التبليغ باطلا اذا شابه عيب او نقص جوهري يخل بصحته او يفوت الغاية منه)) ، وتعتبر هذه المادة بما تضمنته من عناصر دليلا لمعرفة مايخل بصحة التبليغ , وينبغي على القائمين بالتبليغ ان يدركوا واجبهم عند اجراء التبليغ وان لايجتهدوا خلافا لاحكام القانون حيث ان احكام التبليغات القضائية ليست من النظام العام وما عليهم الا اجراء التبليغ في حدود عدم الاخلال بصحته او تفويت الغاية المنشودة منه وان اجتهادهم يؤدي الى عرقلة المسيرة القضائية والخوض في غمار الدعوى واصل النزاع ولايخفى على المختصين من قضاة او محامين بان مفتاح الدعوى هو التبليغ الاصولي وهو الذي يعطيها عصب الحياة للانطلاق بها ونعني بالدعوى هو طلب الشخص حقه من اخر امام القضاء طلبا موافقا لاحكام قانون المرافعات ولو دققنا عناصر بطلان التبليغ في المادة السالفة الذكر لوجدنا ان اشابة التبليغ عيبا او انتيابه نقصا جوهريا يؤدي الى اعتباره باطلا لكن ما يجدر ذكره وينبغي قوله ليمكن وصف التبليغ بالبطلان ان يؤدي كل من العيب او النقص الى الاخلال بصحته او تفويت الغاية منه , عليه فلا بد لنا من معرفة عناصر صحته او الغاية منه , فالغاية المنشودة من التبليغ تستتبع صحته ابتداءا  فلا يخفى على احد من المعنيين والمختصين ان الغاية من التبليغ هو اعلام المطلوب حضوره للحضور امام القضاء في موعد معين وامام محكمة معينة ليكون في مركز قانوني معين خصما او شاهدا ويلاحظ ان طرف النزاع الاخر هو خصم في الدعوى كما ان دخول او ادخال الغير في الدعوى هو جعله شخصا ثالث (خصما) فيها  اما من يستدعى للاستيضاح فهو شخص ثالث لهذا الغرض , وطلب حضور أي ممن تقدم ذكره يقتضي تبليغه تبليغا صحيحا خاليا من العيوب او النقص الجوهري كي لاتفوت الغاية منه اذ ان لكل فعل غاية من ذلك الفعل فكيف اذا كان الفعل امرا يتعلق بنزاع يوجب القانون وضع حد لانهاء الخصومة وتابيدها؟ والتبليغ هو ذلك الفعل القانوني الذي يستدعى بواسطته من مر ذكرهم لوضع حد للنزاع واعطاء كلمة الفصل في ذلك وكذا يقصد بالتبليغ القضائي (لحوق علم الشخص المطلوب تبليغه بالاوراق القضائية وبالطريقة التي رسمها القانون)(1) ويختلف هذا المصطلح عن مصطلح(التبليغات التحريرية) التي اخذ بها قانون المرافعات المدنية والتجارية في المواد 30-40والمادة 61 مرافعات (ملغي) والتي تعتبر كاجراء اولي في تبادل اطراف الدعوى لادعاءاتهم ودفوعهم قبل تعيين يوم المرافعة(2) , ويعني (قيام المحكمة – في الدعاوى البدائية- بتبليغ كل من المتداعيين للاخر بصور الادعاءات والدفوع وما يؤيدها من ادلة )(3)   وعلى تبليغ المدعى عليه بعريضة الدعوى تتوقف اجراءات رفع الدعوى(4) , اذن فالغاية من التبليغ هو انطلاقة المنازعة القضائية على الوجه الصحيح عن طريق اعلام الاطراف للمثول امام القضاء , واذا كان ذلك من متطلبات صحة التبليغ فما هي عيوبه التي تفوت الغاية منه وبالتالي تؤدي الى بطلانه  ؟
     لقد نظم قانون المرافعات المدنية المرقم 83 لسنة 1969 احكام التبليغ الاصولي في المواد من 13 لغاية 28 منه باعتباره مفتاح الدعوى واساسها وعلى ضوءه تبدأ المنازعة القضائية امام المحكمة المختصة وما عدا ذلك فان التبليغ يعتبر غير اصولي حيث يشوبه عيب يفوت الغاية والقصد منه كما اسلفنا اذ يعتبر الحضور الاصولي للطرف المطلوب امام المحكمة الطالبة هوالغاية من التبليغ واذا ماتخلف هذا القصد فان ذلك يتبع عدم اصولية التبليغ فبانهيار الاخير (التبليغ الاصولي) ينهار الاول (القصد منه) .
     لقد حددت المواد المذكورة اولا الاشخاص القائمين بمهمة التبليغ وكيفية ارساله وصوره ومدته ومشتملات ورقة التبليغ وحالة امتناع المطلوب تبليغه عن التبليغ وتبليغ مجهول محل الاقامة وتبليغ الوكيل عن الاصيل او من يجوز تبليغه عن المطلوب تبلغه وتبليغ الدوائر الرسمية والشركات المدنية والتجارية والمؤسسات الخاصة والاشخاص المعنوية والشركات الاجنبية التي لها فرع في العراق او وكيل فيه و تبليغ السجين او الموقوف وتبليغ من هو خارج العراق والتبيلغ على العطل الرسمية واحتساب المدد بذلك (5)
    وان مخالفة اجراءات أي مما تقدم يستوجب بطلان التبليغ لما تسببت تلك المخالفة من اشابة التبليغ بالعيب الذي يخل بصحته ويفوت الغاية منه .
ومن الجدير بالذكر انه اذا خلا التبليغ من توقيع القائم به ومن تاريخ اجرائه كان باطلا (6)
والعبرة بتاريخ التبليغ الذي ذكره القائم بالبليغ على ورقة التبليغ والمصادق عليه من قبل المعاون القضائي وليس للتاريخ الذي وضعه المطلوب تبليغه على الورقة المذكورة
     ان الاثر الذي يتركه التبليغ هو سريان المدد بحق الشخص المطلوب تبليغه ولحوق علمه بمواعيد المرافعات , وهذه من القواعد الشكلية التي يلزم مراعاتها بكل دقة , وكما ذكرنا انه اذا اصابت ورقة التبليغ اية شائبة بحيث تبدد عنصر الثقة فيها يختل التنظيم القضائي وتسوده الفوضى مما يسبب ضياع الحقوق , لذا فقد نص قانون المرافعات في المادة 27 منه على وجوب التمسك بكل القواعد التي اوجبها لاجراء التبليغات القضائية حيث نص على ان التبليغ يعتبر باطلا اذا شابه عيب او نقص يخل بصحته او يفوت لغاية منه , فاهم عيوب التبليغ اذا لم يقم القائم بالتبليغ بشرح حالة الامتناع عن التبلغ او كان هناك اختلاف في تاريخ التبليغ او عند عدم لصق ورقة التبليغ على باب محل الاقامة وشرح هذه الواقعة بشكل واضح على ورقة التبليغ او اذا شاب التحقق من مجهولية محل الاقامة او عنوان الشخص المطلوب تبليغه عيب او نقص بحيث لم تكن هناك قرينة واضحة على ذلك او لم يتم التحقق من الشخص المطلوب تبليغه كما في حالة كونه امراة محجبة او ان هناك عيب في نشر التبليغ في الجريدة الرسمية , كان يكون هناك خطا في المعلومات المنشورة , فمثل هذه الامور تؤثر على التبليغ لذا فعلى المحكمة ان تتحقق بذاتها بان التبلغ جرى وفق اصوله فعندئذ يمكن ان تقرر سريان المرافعة بحق الشخص غيابا او سريان المدد الخاصة بالاعتراض على الحكم الغيابي او الاستئناف او التمييز عند تقديمها , وبطلان التبليغ دفع يستطيع الخصم ان يدفع به مطالبا ببطلان الاجراءات المتخذة بناءا على ذلك او ان المدد لاتسري بحقه اذا كانت هناك مدد يبدأ سريانها من تاريخ وقوع التبليغ وعلى ذلك نصت المادة 73 من قانون المرافعات على مايلي : (1- الدفع ببطلان تبليغ عريضة الدعوى او الاوراق الاخرى يجب ابداؤه قبل أي دفع او طلب اخر والا سقط الحق فيه وتفصل المحكمة فيه قبل التعرض لموضوع الدعوى . 2- يجب ابداء هذا الدفع في عريضة الاعتراض او الاستئناف والا سقط الحق فيه . 3- يزول بطلان التبليغ اذا حضر المطلوب تبليغه او من يقوم مقامه في اليوم المحدد) وعلى هذا نجد ان صحة التبليغ واصوليته ليستا من النظام العام اذ يجوز مخالفة ذلك بحضور المطلوب تبليغه او من يقوم مقامه في اليوم المحدد فيزول بذلك البطلان ومن صور ذلك اجراء التبليغ في مدة تقل عن ثلاثة ايام بين تاريخ التبليغ واليوم المعين للمرافعة خلافا لاحكام المادة 22 من قانون المرافعات فحضور المطلوب تبليغه في الموعد المحدد رغم تبلغه في مدة اقل من ثلاثة ايام بين تاريخ التبليغ واليوم المعين للحضور يسقط حقه في الاعتراض بشان ذلك – وانا – لاافهم على ماذا يستند بعض من القائمين بالتبليغ او مسؤؤليهم الاداريين في الامتناع عن اجراء التبليغ او تصديق شرح القائم بالتبليغ اذا تم تبليغ المطلوب تبليغه في مكان غير العنوان المثبت على ورقة التبليغ في حين انه لم يخطئ في شخص المطلوب تبليغه او اذا جرى التبليغ في مدة اقل من 3 ايام بين تاريخ التبليغ واليوم المعين للمرافعة في حين ان الامر متروك للمطلوب تبليغه ان شاء امتنع عن الحضور وان شاء حضر وبذا يعتبر ذلك منه قبولا ضمنيا بالتبليغ المذكور ؟؟؟!!!!!  واذا ما ادركنا اهمية التبليغ باعتباره مفتاح الدعوى ونحن على علم باهمية الدعوى لمعالجة النزاع المطروح فيها فلا بد لنا والحالة هذه ان ندرك اهمية اعداد كوادر كفوءة في القيام بهذا الواجب كي لاتضيع الحقوق في اروقة المحاكم بين القائمين بالتبليغ والنزاع لم يعرض بعد امام القضاء !!!!!!!!!!           
                                                                             القاضي
                                                                     رياض محسن الامين


الهوامش
ـــــــــــــــــــــــــــــــــ

1-     د. سعدون القشطيني , شرح احكام المرافعات . الجزء الاول , الطبعة الثالثة , مطبعة المعارف , بغداد , 1979 , ص 197
2-     د. سعدون القشطيني , شرح احكام المرافعات . الجزء الاول , الطبعة الثالثة , مطبعة المعارف , بغداد , 1979 , ص 17
3-     د. سعدون القشطيني , شرح احكام المرافعات . الجزء الاول , الطبعة الثالثة , مطبعة المعارف , بغداد , 1979 , ص 197
4-     د. سعدون القشطيني , شرح احكام المرافعات . الجزء الاول , الطبعة الثالثة , مطبعة المعارف , بغداد , 1979, ص197
5-   د. محمد جابر الدوري , الصيغ القانونية بمقتضى احكام قانون المرافعات المدنية , دراسة ميدانية , مطبعة الشعب , بغداد , ص 53 ومابعدها
6- ابراهيم المشاهدي , المبادئ القانونية في قضاء محكمة التمييز , قسم المرافعات المدنية رقم القرار 2436/ شخصية- شرعية/72 في 23/5/72 

هناك تعليق واحد: