الخميس، 27 مارس 2014

الاجر والضمان لا يجتمعان


 الأجر و الضمان لا يجتمعان 

الأجر بدل المنفعة عن مدة ما . و الضمان هنا هو الإلتزام بقيمة العين المنتفع هذه القاعدة حنيفة النسب لا يتبناها جمهور المذاهب الفقهية الأخرى . و هي عند الحنيفة تتصل إتصالا وثيقا بنظريتهم المشهورة في عدم ضمان الغاصب منافع المغصوب ، تلك النظرية التي تقدمت الإشارة إليها و إلى إنتقاده . و على هذه القاعدة يفرع الحنيفة أنه لو إستاجر شخص دراجة مثلا يركبها إلى مكان معين فذهب بها رأسا إلى مكان آخر يعتبر متعديا في حكم الغاصب ، و يخرج عن صفة الأمين التي هي الصفة الأصلية شرعا للمستأجر ، فإذا هلكت الدراجة عنده قبل ردها إلى مالكها يضمن قيمتها و لا أجر عليه ، لأن الأجر و الضمان لا يجتمعان. و كذا إذا لم تهلك فردها سليمة و لو بعد شهور لا أجر عليه أيضا .. لأنه كان في حالة مسؤولية بضمانها لو هلكت عنده. يتضح من هذه التعريفات و أمثالها انه ليس المراد بالضمان في هذه القاعدة الضمان المتحقق الواقع فعلا . أي بأن تهلك العين فيلتزم الشخص بقيمتها بل المراد به في النظر الحنفي كون الشخص عرضة لضمان العين وذلك بأن يكون بحالة يعتبر فيها هو المسؤول بقيمة العين إن هلكت ، سواء وقع الهلاك فعلا أم لم يقع ، أي أن يكون في حالة تحمل التبعة. و هذا في منتهى الغرابة كما ترى . فهو تفريغ نظري محض لم ينظر فيه إلى مصلحة التطبيق . فهو يفسح للناس مجالا الإحتيال للإنتفاع بأموال الغير بلا بدل ، فيعقدون الإجارة على غير المنفعة التي يريدون ثم يخالفون إلى الإنتفاع بما يريدون دون إلتزام بعوض و لا يبالون ضمان المأجور عند الهلاك لأنه نادر. ولو ان فقهاء الحنيفة خصصوا بحالة وقوع الضمان و تحققه كما ، إذ يقال أن ضمان الأصل تندمج فيه المنافع مع ان ذلك أيضا غير قوي. وجمهور المذاهب الأخرى يجتمع في نظرها الأجر و الضمان . ففي هذه الحالة مثلا يلتزم المستأجر بأجر المثل عن المنافع التي استوفاها بلا حق بحسب المدة ، و يضمن فوق ذلك قيمة الأصل يوم الهلاك إذا هلك . على ان الحنيفة يقيدون هذه القاعدة بان لا يكون الأجر قد استقر على الشخص قبل صيرورته في حالة ضمان العين . فإذا كان الأجر المسمى قد استقر عليه قبلا كما لو استوفى المنفعة المعقود عليها أولا ، ثم تجاوز حتى صار متعديا في حكم الغاصب ، فإنه - و إن أصبح متحملا لتبعة هلاك المأجور - يلزمه الأجر عندهم إذا لم يهلك .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق